بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مقدمة:
اللهم افتح عليهم فتوح العارفين هو دعاء من أدعية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يطلب فيه من الله تعالى أن يفتح على المؤمنين فتوحات العارفين بالله، تلك الفتوحات التي لا تقتصر على النصر والغلبة في المعارك والغزوات، بل تتعدى ذلك إلى الفتح الروحي والمعنوي الذي يجعل المؤمن قادرًا على رؤية الحقائق الإلهية، والوقوف على أسرار الوجود، والوصول إلى مقامات الإحسان والتقوى.
1. معنى الفتوحات:
الفتوحات هي جمع فتحة، والفتحة هي الشيء الذي ينفتح ويظهر، وتستعمل الفتوحات في اللغة العربية بمعانٍ متعددة، منها:
– النصر والغلبة: يقال فتح الله عليه أي نصره وأعزه.
– الظفر: يقال فتح الله له البلد أي ظفر به.
– الكشف والإظهار: يقال فتح الله عليه أي كشف له الحقائق وأظهرها له.
– البيان والإيضاح: يقال فتح الله عليه أي بين له الأمر وأوضحه.
2. فتوحات العارفين:
فتوحات العارفين هي الفتوحات التي ينالها العارفون بالله، وهي نوع خاص من الفتوحات يتميز بخصائص معينة، منها:
– أنها فتوحات روحية ومعنوية: ليست فتوحات مادية أو دنيوية، بل هي فتوحات تتعلق بالروح والقلب والعقل.
– أنها فتوحات خاصة: لا ينالها إلا العارفون بالله، وهم أولئك الذين بلغوا مرتبة عالية من المعرفة الإلهية واليقين.
– أنها فتوحات مستمرة: ليست فتوحات تنتهي عند حد معين، بل هي فتوحات متجددة ومستمرة طوال حياة العارف.
3. أنواع فتوحات العارفين:
تتعدد أنواع فتوحات العارفين، ومن أبرزها:
– فتح البصيرة: يفتح الله بصيرة العارف، فيرى الحقائق الإلهية والأسرار الكونية، وينكشف له معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
– فتح القلب: يفتح الله قلب العارف، فيفيض عليه بالمحبة الإلهية والرحمة واللطف، ويرتقي به إلى مقامات الإحسان والتقوى.
– فتح العقل: يفتح الله عقل العارف، فيدرك الحقائق العقلية والمعارف الإلهية، وينعم بنور الحكمة والمعرفة.
– فتح الروح: يفتح الله روح العارف، فيرتقي بها إلى مقامات العبودية والتوحيد، ويتخلص من جميع الشوائب والآفات النفسية.
4. ثمرات فتوحات العارفين:
تتعدد ثمرات فتوحات العارفين، ومن أبرزها:
– الوصول إلى مقام الإيمان الكامل: تفتح فتوحات العارفين بصيرته، فيرى الحقائق الإلهية والأسرار الكونية، وينكشف له معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، مما يجعله يصل إلى مقام الإيمان الكامل الذي لا يشوبه شك أو ريب.
– تحقيق التقوى والإحسان: تفتح فتوحات العارفين قلبه، فيفيض عليه بالمحبة الإلهية والرحمة واللطف، ويرتقي به إلى مقامات الإحسان والتقوى، فيسارع إلى طاعة الله تعالى ويجتنب معاصيه.
– نيل المعرفة والحكمة: تفتح فتوحات العارفين عقله، فيدرك الحقائق العقلية والمعارف الإلهية، وينعم بنور الحكمة والمعرفة، فيصبح من أولياء الله تعالى الذين أنعم عليهم بالعلم والحكمة.
– الوصول إلى مقام التوحيد: تفتح فتوحات العارفين روحه، فيرتقي بها إلى مقامات العبودية والتوحيد، ويتخلص من جميع الشوائب والآفات النفسية، فيصبح موحدًا لله تعالى، لا يشرك به شيئًا.
5. أسباب نيل فتوحات العارفين:
هناك العديد من الأسباب التي تساعد على نيل فتوحات العارفين، ومن أبرزها:
– الإخلاص لله تعالى: أن يكون العبد مخلصًا لله تعالى في أقواله وأعماله، فلا يبتغي إلا وجه الله تعالى في جميع تصرفاته.
– المجاهدة والمراقبة: أن يجاهد العبد نفسه ويراقبها، ويحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، ويجتنب كل ما يغضب الله تعالى.
– الدعاء والتضرع: أن يدعو العبد الله تعالى ويتضرع إليه، ويطلب منه أن يفتحه عليه فتوح العارفين.
– صحبة الصالحين: أن يصاحب العبد الصالحين، ويأخذ منهم العلم والحكمة، ويتعلم منهم آداب السلوك والمعاملة.
– قراءة القرآن الكريم والأذكار: أن يقرأ العبد القرآن الكريم وال