بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنك تحب العفو فاعف عني
المقدمة:
الله من أسمائه تعالى العفو، والعفو هو الشفيق الرحيم في أقواله وأفعاله، لعباده في الدنيا والآخرة، الذي يكرمهم في الدنيا ويغفر لهم ويستر عليهم ويوسع عليهم في الرزق ووو، والعفو هو الذي يحب العفو، ويطلب العفو، ويستحب العفو، كما يستحب من عباده عفوه ومغفرته، ولهذا كان من أدعية المسلم حين يحتاج إلى المغفرة والتجاوز من الله: “اللهم إنك تحب العفو فاعف عني”.
1. رحمة الله وفضله:
– الله هو أرحم الراحمين، رحمته واسعة رحمةً شاملة لكل شيء، في الدنيا والآخرة، تشمل جميع خلقه بلا استثناء، وتتجلى رحمته في خلقه السموات والأرض وما بينهما، وإرساله الرسل والأنبياء، وإنزاله الكتب لدلالة الناس إلى الطريق المستقيم، وإرشادهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
– الله تعالى يحب العفو، يحب أن يعفو عن عباده ويكرمهم ويرحمهم، قال تعالى: “وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”، وقال تعالى: “إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا”.
– الله تعالى عفو كريم، يعفو عن عباده ويتجاوز عن سيئاتهم، قال تعالى: “وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقراب الأرض مغفرة”.
2. الحكمة في عفو الله:
– عفو الله تعالى عن عباده من رحمته وفضله، لكنه من حكمته أيضًا، فالعفو من الله تعالى يحقق مصالح كثيرة:
– العفو يزيد من محبة الناس لله تعالى، ويشجعهم على طاعته، قال تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.
– العفو من الله تعالى يردع الناس عن المعاصي والذنوب، قال تعالى: “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ”.
– العفو من الله تعالى يمنح الناس فرصة للتوبة، قال تعالى: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”.
3. شروط عفو الله:
– عفو الله تعالى عن عباده مشروط بشروط، منها:
– أن يتوب العبد إلى الله تعالى توبةً نصوحًا، بترك المعصية والندم عليها والعزم على عدم العودة إليها، قال تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا”.
– أن يستغفر العبد الله تعالى، ويدعوه ويضرع إليه، قال تعالى: “وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ”.
– أن يكثر العبد من الطاعات والقربات، قال تعالى: “إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ”.
– أن يكون العبد مؤمنًا بالله تعالى، قال تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا”.
4. عفو الله في الدنيا والآخرة:
– عفو الله تعالى عن عباده لا يقتصر على الدنيا، وإنما يتعداها إلى الآخرة، قال تعالى: “وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى”.
– عفو الله تعالى في الدنيا يكون بالتوفيق والهداية، والعفو في الآخرة يكون بالتجاوز عن سيئات العبد وإدخاله الجنة، قال تعالى: “وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ”.
– عفو الله تعالى لا ينال إلا من خافه ورجاه، قال تعالى: “إِنَّمَا يَخَافُ اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”.
5. فضل الاستغفار:
– الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى والتوبة إليه، وهو من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، قال تعالى: “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ”.
– الاستغفار يكفر الذنوب ويحط الخطايا، قال تعالى: “وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.
– الاستغفار يزيد من الرزق ويوسع في البركة، قال تعالى: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِي