المقدمة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، ونور قلوبنا بنور الإيمان، ووفقنا لطاعته، وجعلنا من عباده الصالحين.
نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على دينه، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد أن هدانا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على أكمل وجه، وأن يجعلنا من الفائزين برحمته وجنته.
الحفاظ على القلب من الزيغ
إن القلب هو أهم عضو في جسم الإنسان، وهو الذي يوجه سلوكه وتصرفاته، ويجعله يسير في طريق الخير أو الشر، قال تعالى: “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” (الشعراء: 88-89).
ولذلك، فإن الحفاظ على القلب من الزيغ هو من أهم الأمور التي يجب على المسلم أن يسعى إليها، وذلك من خلال:
1. الإكثار من تلاوة القرآن الكريم
قال تعالى: “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب” (الرعد: 28).
فالقرآن الكريم هو شفاء لما في الصدور، وهو يهدي القلوب ويطمئنها، ويزيل عنها الغشاوة والزيغ.
2. ذكر الله تعالى بكثرة
قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله كثيرا” (الأحزاب: 41).
وذكر الله تعالى هو من أفضل العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وهو يطرد الشيطان ويحفظ القلب من الزيغ.
3. الدعاء بأن يثبت الله القلب
فالدعاء هو سلاح المؤمن، وهو من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، قال تعالى: “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم” (غافر: 60).
فنسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن لا يزيغها بعد أن هدانا، وأن يوفقنا لطاعته ورضوانه.
أسباب زيغ القلوب
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى زيغ القلوب، منها:
1. اتباع الهوى
قال تعالى: “ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله” (ص: 26).
فالهوى هو العدو اللدود للإنسان، وهو الذي يدفعه إلى ارتكاب المعاصي والآثام، ويصرفه عن طاعة الله تعالى.
2. حب الدنيا
قال تعالى: “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب” (آل عمران: 14).
فحب الدنيا هو من أسباب زيغ القلوب، لأنه يجعل الإنسان يلهث وراء متاعها الفاني، وينساه الآخرة التي هي دار القرار.
3. صحبة السوء
قال تعالى: “ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا” (الكهف: 28).
فصحبة السوء من أسباب زيغ القلوب، لأنها تؤثر على الإنسان سلبا، وتصرفه عن طريق الخير إلى طريق الشر.
مخاطر زيغ القلوب
إن زيغ القلوب له مخاطر عديدة، منها:
1. الوقوع في المعاصي والآثام
فالقلب الزائغ هو قلب مهيأ لارتكاب المعاصي والآثام، لأنه لا يخاف الله تعالى، ولا يراقبه في أفعاله.
2. الحرمان من رحمة الله تعالى
قال تعالى: “ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ولآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما” (النساء: 66-68).
فالقلب الزائغ هو قلب محروم من رحمة الله تعالى، لأنه لا يستجيب لنصائح الناصحين، ولا يتبع هدي الأنبياء والمرسلين.
3. سوء الخاتمة
قال تعالى: “وإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين” (المائدة: 99).
فالقلب الزائغ هو قلب يتجه نحو سوء الخاتمة، لأنه لا يتوب إلى الله تعالى، ولا يصلح حاله قبل موته.
علامات زيغ القلوب
هناك العديد من العلامات التي تدل على زيغ القلوب، منها:
1. ضعف الإيمان
فالقلب الزائغ هو قلب ضعيف الإيمان، لا يوقن بالله تعالى، ولا يتوكل عليه، ولا يخشاه حق خشيته.
2. قلة الخشوع في العبادة
فالقلب الزائغ هو قلب قليل الخشوع في العبادة، لا يتذوق طعم المناجاة مع الله تعالى، ولا يتأثر بكلامه.
3. حب الدنيا وكراهية الآخرة
فالقلب الزائغ هو قلب يحب الدنيا ويكره الآخرة، يحرص على جمع متاع الدنيا، وينسى الآخرة التي هي دار القرار.
علاج زيغ القلوب
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها علاج زيغ القلوب، منها:
1. التوبة إلى الله تعالى
فالتوبة إلى الله تعالى هي أولى خطوات علاج زيغ القلوب، وهي تعني الرجوع إلى الله تعالى والتخلي عن المعاصي والآثام.
2. الإكثار من ذكر الله تعالى
فذكر الله تعالى هو شفاء لما في الصدور، وهو يطرد الشيطان ويحفظ القلب من الزيغ، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا للإكثار من ذكره.
3. اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-
فاتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من أفضل الطرق لعلاج زيغ القلوب، ففي سنته -صلى الله عليه وسلم- كل الخير والهدى.
الخاتمة
وفي الختام، نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن لا يزيغها بعد أن هدانا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على أكمل وجه، وأن يجعلنا من الفائزين برحمته وجنته.