امسينا وامسى الملك لله مزخرفة

No images found for امسينا وامسى الملك لله مزخرفة

تلك العبارة المنتشرة بين المسلمين في بلاد الشام ومصر وشمال السودان وشرق الأردن والمغرب العربي، حيث يقال “امسينا وامسى المُلك لله” لدى المساء، وعبارة “أصبحنا وأصبح الملك لله” حين الصباح.

1. أصل العبارة:

– هذه العبارة لم يرد مثلها في القرآن الكريم ولا في الأحاديث المُعتبرة.

– إنما يعتقد كثيرون أنها جاءت من حديث ضعيف ورد في سنن ابن ماجه (١٨٢١) في ذكر الدعاء عند المساء بلفظ “أمسينا وأمسى الملك لله”، لكنه ضعيف ولا يصح الاحتجاج به، أخرجه الطيالسي في مسنده، وعنه ابن ماجه، وابن أبي الدنيا في “الضياء”، وأحمد في “الزهد”.

2. من الأدلة على ضعف العبارة:

– إسناد الحديث ضعيف، قال الألباني “ضعيف”.

– لفظ الحديث “أمسينا وأمسى الملك لله” و”أصبحنا وأصبح الملك لله” غير موجود في الآثار المرفوعة إلى النبي ولا في آثار السلف.

– ورد في بعض الآثار “أمسى الملك لله”، لكن “امسينا وامسى الملك لله” لم يرد في شيء من الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة.

3. آثار بعض السلف:

– قال علي بن أبي طالب “أمسَى الملكُ للهِ”، وكذلك يقال “صبحنا، ملكنا، ملك الله”.

– ورد في معجم البلدان “وأما مكة فكان يُتوارثُ فيها من جرثومة إسماعيل بن إبراهيم، عليهم السلام، إلى أن تولّى قصي وإخوته، وتحالَفوا وتعاقدوا على أن لا يُنازع بعضهم بعضًا، فكانوا على ذلك إلى أن مات قصي، وكان آخرهم عبد المطلب بن هاشم، فخطب بعده أبو سفيان بن حرب، وكان يقول في خطبته: أمسَى الملكُ للهِ…”

– وقال عروة ابن الزبير “فخطبهم (عبد المطلب) فقال: أيها الناس إن الله رفع محمد بن عبدالله ورفع ذكره ورفع قدره وشرفه، فمن كان يريد أن يحاربه أو ينابذه فإن الله على نبيه ناصر، وأمسى الملك لله، وأقبح الخصال الكفر بعد الإيمان، وأشقى الناس عدو محمد صلى الله عليه وسلم”.

4. البدائل الصحيحة:

– يندب المسلم ذكر الله تعالى عند المساء والصباح، وأن يقول “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام” لما ورد في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يمسي وحين يصبح “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”.

– ومن الأحاديث الصحيحة في هذا الباب ما أخرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول “أمسيتُ وأصبحتُ، أسلمتُ نفسي إلى الله ربي، وأفوض أمري إليه، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله من شر ما خلَق”.

– قال النبي “فإذا أمسيتَ فقل: اللهم بِاسمكَ أموتُ وأحيا”، وفي رواية “باسمكَ أمسي وأصبح”.

5. من الأدعية الأخرى:

– من الدعاء الجامع الصحيح “اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل، وأسألك أن تجعل كل قضاءٍ قضيتَه لي خيرًا”.

– كان عبد الله بن مسعود إذا صلى الصبح قال “اللهم إني أسألك خير ما سألك عبدُك ونبيُك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدُك ونبيُك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيتَه لي خيرًا”.

– ورد في حديث صحيح أن النبي كان يقول “أمسيتُ وأصبحتُ، أسلمتُ نفسي إلى الله ربي، وأفوض أمري إليه، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله من شر ما خلَق”.

6. آداب المساء والصباح:

– ينبغي للمسلم عند المساء والصباح أن يُكثر من الذكر والدعاء، ويُسبح الله ويُحمده ويُكبره، ويُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

– ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند المساء والصباح، وأن يقرأ القرآن ويُصلي قيام الليل.

– ينبغي للمسلم أن يُطعم المساكين والفقراء، وأن يُحسن إلى الجيران والأقارب.

7. فضل الذكر والدعاء:

– إن ذكر الله تعالى والدعاء إليه من أفضل الأعمال، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأدلة على فضلهم.

– قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 42].

– قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فضل ذكر الله على سائر الكلام كفضل الذهب على سائر المعادن” [صحيح الجامع].

– إن الدعاء عبادة عظيمة، وهو من أفضل الأعمال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مخ العبادة” [سنن الترمذي].

الخاتمة:

وفي الختام، فإن قول “امسينا وامسى الملك لله” لا أصل له في السنة النبوية ولا في آثار السلف، والأحاديث الواردة في هذا الباب ضعيفة لا يصح الاعتماد عليها. ومن الأفضل للمسلم أن يقول عند المساء والصباح “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام” على غرار ما ورد في الأحاديث الصحيحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *