ان الذين يستكبرون عن عبادتي

المقدمة:

إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه وفضله على سائر المخلوقات، وأودعه العقل والفكر والإرادة لكي يعبد الله وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].

وقد منّ الله على عباده بالرسل والأنبياء لكي يبينوا لهم طريق الحق والهداية، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].

ولكن بالرغم من ذلك، فهناك من الناس من يستكبر عن عبادته تعالى، ويتكبر على أوامره ونواهيه، وينكر وجوده سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].

استكبار الشيطان عن السجود لآدم:

كان أول من استكبر عن عبادته تعالى هو الشيطان، عندما أمره الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34].

وقد استكبر الشيطان عن السجود لآدم عليه السلام لأنه كان يرى نفسه أفضل من آدم، لأنه خلق من نار، بينما خلق آدم من تراب، قال تعالى: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: 12].

استكبار فرعون عن الإيمان بالله:

ومن الذين استكبروا عن عبادته تعالى فرعون، فقد كذب موسى عليه السلام عندما جاءه بالمعجزات والدلائل الواضحة على نبوته، قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا اسْتِكْبَارًا فِي أَنْفُسِهِمْ وَظُلْمًا﴾ [النمل: 14].

واستكبر فرعون عن الإيمان بالله تعالى لأنه كان يرى نفسه إلهًا، وكان يحب أن يعبد من الناس، قال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ مَا أَرَاكُمْ إِلَّا سُحَرَةً﴾ [الأعراف: 109].

استكبار قريش عن الإيمان بالنبي محمد:

ومن الذين استكبروا عن عبادته تعالى قريش، فقد كذبوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما جاءهم بالمعجزات والدلائل الواضحة على نبوته، قال تعالى: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الأنعام: 49].

واستكبر قريش عن الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يرون أنفسهم أفضل من العرب الآخرين، وكانوا يخشون أن يفقدوا مكانتهم وسيادتهم إذا آمنوا به عليه السلام، قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247].

الاستكبار عن عبادته تعالى من الكبائر:

إن الاستكبار عن عبادته تعالى من الكبائر التي تؤدي إلى دخول النار، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124].

وذلك لأن الاستكبار عن عبادته تعالى دليل على الجحود والنكران لفضل الله تعالى ونعمه، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30].

الاستكبار عن عبادته تعالى في صور شتى:

ولا يقتصر الاستكبار عن عبادته تعالى على إنكار وجوده سبحانه وتعالى، بل يتخذ صورًا شتى، منها:

الشرك بالله تعالى، وهو أن يشرك الإنسان مع الله غيره في العبادة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].

الرياء في العبادة، وهو أن يعبد الإنسان الله تعالى لكي يمدحه الناس، قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: 4-7].

الكبر على عباد الله تعالى، وهو أن يرى الإنسان نفسه أفضل من غيره من عباد الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ [الإسراء: 37].

الاستكبار عن عبادته تعالى له عواقب وخيمة:

إن الاستكبار عن عبادته تعالى له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، منها:

حرمان الإنسان من رحمته تعالى، قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *