المقدمة
التواضع صفة محمودة وصفة من صفات الرسل والأنبياء، وهو ضد الكبر والتعالي، فقد حثنا الله -تعالى- في آيات كثيرة من القرآن الكريم على التواضع، وذم الكبر والتعالي، فالتواضع من الأخلاق الحميدة التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وهو دليل على حسن الخلق والتربية، كما أنه من أسباب محبة الناس وحسن معاملتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التواضع يزيد في المجد).
القرآن الكريم والتواضع
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تحث على التواضع وتذم الكبر والتعالي، ومن هذه الآيات:
1. سورة الإسراء (الآيات 37-39):
يقول الله تعالى: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئًا عِنْدَ رَبِّكَ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا).
الآية 37: يبين الله تعالى في هذه الآية أن المشي في الأرض مرحًا وتكبرًا من الأمور السيئة التي لا يرضى عنها، فإنه لن ينفع الإنسان مهما تكبر وتجبر، ولن يصل إلى أعلى الجبال مهما تفاخر بقوته.
الآية 38: يؤكد الله تعالى في هذه الآية أن الكبر والتعالي من الأمور التي تسيء إلى الإنسان في الدنيا والآخرة، فإنه سيؤدي إلى سوء الخلق ومعاملة الناس بالغطرسة والتعالي، وهذا ما لا يرضى عنه الله تعالى.
الآية 39: يختم الله تعالى هذه الآيات بقوله: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)، أي أن هذه الآيات التي ذكرها الله تعالى هي تذكرة للناس، فمن أراد أن يسلك طريق الخير والتقوى فليتخذ هذه الآيات لنفسه موعظة يتذكرها ويتبعها في حياته.
2. سورة لقمان (الآية 18):
يقول الله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).
الآية 18: يوصي الله تعالى نبيه لقمان عليه السلام بأن لا يصعر خده للناس تكبرًا عليهم، ولا يمشي في الأرض مرحًا وتكبرًا، فإن الله تعالى لا يحب المتكبرين الذين يفتخرون بأنفسهم ويحتقرون الآخرين.
3. سورة غافر (الآيات 60-61):
يقول الله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).
الآية 60: يكرر الله تعالى في هذه الآية وصيته بعدم صعر الخد للناس وعدم المشي في الأرض مرحًا وتكبرًا، فإن الله تعالى لا يحب المتكبرين الذين يفتخرون بأنفسهم ويحتقرون الآخرين.
الآية 61: يوصي الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يقصد في مشيته ويغض من صوته، فإن أنكر الأصوات وأقبحها هو صوت الحمير، فينبغي للمسلم أن يتجنب رفع صوته والتكبر على الناس.
4. سورة التغابن (الآية 15):
يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا).
الآية 15: يذم الله تعالى في هذه الآية الذين ينفقون أموالهم رياءً وسمعة من الناس، ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقرر أن الشيطان هو قرينهم، أي هو صاحبهم وصديقهم، وهذا من أسوأ أنواع الصحبة.
5. سورة المؤمنون (الآية 76):
يقول الله تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يُقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا).
الآية 76: يأمر الله تعالى عباده -المسلمين- أن يقولوا القول الحسن والطيب، وأن يتجنبوا القول السيئ والجاف، فإن الشيطان يوسوس للإنسان ويدفعه إلى التكبر والتعالي على الآخرين، والشيطان هو عدو الإنسان المبين، أي العدو الواضح الذي لا يخفى عداؤه.
6. سورة الفرقان (الآية 63):
يقول الله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).
الآية 63: يصف الله تعالى عباد الرحمن بأنهم يمشون على الأرض هونًا، أي بتواضع ووقار، وإذا خاطبهم الجاهلون بكلام سيئ أو جاف، قالوا لهم سلامًا، أي أنهم لا يردون على الجاهلين ولا ينازعونهم.
7. سورة القصص (الآية 83):
يقول الله تعالى: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ هُمُ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
الآية 83: يبين الله تعالى في هذه الآية أن الأموال والأولاد لا تنفع الإنسان عند الله تعالى إذا كان متكبرًا جبارًا، بل إن هؤلاء المتكبرين هم أصحاب النار، وهم خالدون فيها إلى الأبد.
الخاتمة
التواضع من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وهو دليل على حسن الخلق والتربية، كما أنه من أسباب محبة الناس وحسن معاملتهم، وقد حثنا الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم على التواضع، وذم الكبر والتعالي، فينبغي للمسلم أن يتذكر هذه الآيات ويتبعها في حياته.