مقدمة
الإعجاز هو الخروج عن المألوف والمعتاد، وهو ما يثير الدهشة والإعجاب، وقد جاء القرآن الكريم معجزًا في بلاغته وفصاحته وأساليبه، وفي معانيه وأحكامه، وفي أخباره وغيبياته، وقد تحدّى الله تعالى البشر أن يأتوا بمثله، فقال تعالى: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: 88].
1. إعجاز القرآن في بلاغته وفصاحته:
– يتميز القرآن الكريم ببلاغته وفصاحته، فهو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “إنه أنزل بسبع لغات، كلها يحسُنُ فيها”، وقال أيضا: “والذي نفسي بيده إنه لأسحر من سحر لقمان”.
– وقد تحدّى القرآن الكريم العرب في بلاغته وفصاحته، فقال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 23]، وقد عجز العرب عن الإتيان بسورة واحدة من مثله، على الرغم من أنهم كانوا فصحاء وبلاغاء.
– وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “لو وضع القرآن في كفة ميزان، ووضعت فيه جميع كتب الأدب في كفة أخرى، لرجح القرآن”، وقال أيضا: “القرآن هو الديوان الذي لا تتغير معانيه، والحكم الذي لا يموت قضاته”.
2. إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه:
– يحتوي القرآن الكريم على معانٍ عميقة وأحكام دقيقة، فهو كتاب هداية وإرشاد، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “إنه جامع لكل شيء”، وقال أيضا: “فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم”.
– وقد تحدّى القرآن الكريم البشر أن يأتوا بمثل معانيه وأحكامه، فقال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [هود: 13]، وقد عجز البشر عن الإتيان بعشر سور من مثله، على الرغم من أنهم كانوا حكماء وفلاسفة.
– وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: “القرآن هو البحر الذي لا يدرك قعره، وهو المنجم الذي لا ينفد جوهره”، وقال أيضا: “لو جمع علم جميع الناس في قلب واحد، ما بلغ علم القرآن”.
3. إعجاز القرآن في أخباره وغيبياته:
– يحتوي القرآن الكريم على أخبار عن الماضي وعن المستقبل، وقد تحققت جميع أخباره عن الماضي، ومن أمثلة ذلك خبره عن غرق فرعون وقومه، وخبره عن انتصار المسلمين على المشركين في غزوة بدر، وخبره عن فتح مكة.
– وقد تحدّى القرآن الكريم البشر أن يأتوا بمثل أخباره عن الماضي وعن المستقبل، فقال تعالى: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: 109]، وقد عجز البشر عن الإتيان بمثل أخباره عن الماضي وعن المستقبل، على الرغم من أنهم كانوا مؤرخين وعرافين.
– وقد قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “القرآن هو الكتاب الذي أخبر عن الأمور الغيبية التي لم يطلع عليها أحد من البشر، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه”.
4. إعجاز القرآن في أسلوبه:
– يتميز القرآن الكريم بأسلوبه الفريد، فهو كلام موزون، له إيقاع خاص، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “إنه نزل على سبعة أحرف، كل حرف منه يوافق حرفًا من حروف التوراة والإنجيل والزبور والفرقان”.
– وقد تحدّى القرآن الكريم البشر أن يأتوا بمثل أسلوبه، فقال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: 38]، وقد عجز البشر عن الإتيان بسورة واحدة من مثله، على الرغم من أنهم كانوا شعراء وأدباء.