مقدمة
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أما بعد:
فإن قدرة الله تعالى من أعظم صفاته وأجلها، وهي صفة كمال، إذ بها قامت السماوات والأرض وما بينهما، وظهرت آياته ودلائله، وقدر الله تعالى شامل لكل شيء، فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه المناسب، ويقدر كل شيء حق قدره.
عظمة قدرة الله تعالى
إن قدرة الله تعالى لا حد لها ولا حصر، فهو قادر على كل شيء، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: 82]، وقد خلق الله تعالى هذا الكون العظيم بدقته ونظامه وإحكامه في ستة أيام، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: 47].
دلائل قدرة الله تعالى
تتجلّى قدرة الله تعالى في كل مخلوقاته، ففي السماوات والأرض والجبال والبحار والحيوانات والنباتات، وفي كل ذرة من الذرات، وفي كل خلية من خلايا أجسامنا، آيات ودلائل تدلّ على عظمة قدرته تعالى، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ خَلَقَهُمُ اللَّهُ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئًا﴾ [مريم: 67].
قدرة الله تعالى في خلق السماوات والأرض
خلق الله تعالى السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، قال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: 54]، وقد خلق السماوات مرفوعات بلا عمد، والأرض مدحوة بلا أوتاد، قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ [لقمان: 10].
قدرة الله تعالى في خلق الإنسان
خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وقد أعطاه الله تعالى العقل والنطق واليدين والرجلين، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
قدرة الله تعالى في خلق الحيوان والنبات
خلق الله تعالى الحيوان والنبات في أنواع مختلفة ومتنوعة، قال تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: 5]، وقد خلق النباتات بأنواع مختلفة ومتنوعة، منها ما يؤكل ومنها ما يستعمل في الطب ومنها ما يستعمل في الصناعة، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيْجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 21].
قدرة الله تعالى في الرزق والنعمة
يرزق الله تعالى كل مخلوقاته، قال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: 6]، وينعم الله تعالى على عباده بنعم لا تحصى، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النحل: 18].
قدرة الله تعالى في العقاب والثواب
يعاقب الله تعالى من عصاه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124]، ويثيب الله تعالى من أطاعه، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء: 122].
خاتمة
إن قدرة الله تعالى لا حد لها ولا حصر، وهو القادر على كل شيء، وقد تجلّت قدرته تعالى في خلق السماوات والأرض والإنسان والحيوان والنبات، وفي الرزق والنعمة والعقاب والثواب، فسبحان الله العظيم وبحمده.