تفسير يسألونك عن الخمر والميسر

تفسير يسألونك عن الخمر والميسر

العنوان: تفسير الآية الكريمة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219]

المقدمة:

ورد في الآية الكريمة سؤال الصحابة الكرام للنبي – صلى الله عليه وسلم – عن حكم الخمر والميسر، وذلك لما كان منتشرًا في الجاهلية من الإقبال الكبير عليهما، فبين النبي الكريم أن فيهما إثمًا كبيرًا وذكر بعضًا من منفعتهما، وأكد أن الإثم أكبر من النفع، كما ذكر حكم ما ينفقونه في سبيل الله، وبين لهم أن الآيات القرآنية قد بينت لهم هذه الأحكام ليتفكروا ويتدبروا في ذلك.

تفسير الآية الكريمة:

1. سؤال الصحابة عن الخمر والميسر:

– ورد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن الصحابة سألوا النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الخمر والميسر، إذ كانا منتشريْن كثيرًا في الجاهلية، وكانوا يريدون معرفة حكمهما.

– تعد الخمر والميسر من المحرمات الظاهرة التي انتشر تعاطيها في الجاهلية، لذا حرص الصحابة على معرفة حكمهما والتأكد من تحريمهما.

– أجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – على سؤال الصحابة بأن الخمر والميسر هما من المحرمات التي فيها إثم كبير.

2. وجود إثم كبير في الخمر والميسر:

– وضح الله عز وجل في هذه الآية أن في الخمر والميسر إثمًا كبيرًا، ولا يعني ذلك عدم وجود منفعة لهما، بل إن الإثم المترتب عليهما – سواء من الناحية الجسدية أو المادية أو المعنوية – أكبر بكثير من أي منفعة قد تتحقق منهما.

– أوضح العلماء أن شارب الخمر والمقامر على حد السواء، قد يقع في العديد من المحظورات كالتعدي على الآخرين بالقول أو الفعل، وقد يصل به الأمر لارتكاب الجرائم.

– الإكثار من الخمر والميسر يترتب عليه العديد من الآثار السلبية، كفقدان العقل وفقدان الأموال والاعتداء على الآخرين.

3. منافع الخمر والميسر:

– على الرغم من الإثم الكبير الذي ورد في الآية، إلا أن الخمر والميسر لهما بعض المنافع، وقد ذكر بعض العلماء أن منفعة الخمر في طهارتها، وأن منفعة الميسر فيما حصل عليه الإنسان من الربح.

– ذكر العلماء أيضًا أن منافع الخمر والميسر تتمثل في أن الخمور يمكن أن تستخدم في المجال الطبي لصنع الأدوية وعلاج الأمراض، وكذلك الميسر قد يعود على صاحبه بالربح إذا تم لعبه بشرط الخروج من اللعبة بمجرد الخسارة.

– منافع الخمر والميسر مقصورة على بعض الفوائد الطبية والمادية، ولا تصل إلى مستوى الإثم الناتج عنهما بأي حال من الأحوال.

4. الإثم أكبر من النفع في الخمر والميسر:

– أكد الله عز وجل في الآية أن الإثم في الخمر والميسر أكبر من النفع، وذلك لأن الإثم هو عذاب الله على معصيته وأكبر خسارة للإنسان.

– إن الإثم الناتج على شرب الخمر هو عذاب الله لإيذائها للجسم، أما الإثم الناتج عن الميسر فهو خسارة المال وجذب الإنسان لعبادة المال.

– المحاذير الشرعية في الخمر والميسر كثيرة، حيث يترتب على التعامل بهما العديد من العقوبات سواء في الدنيا أو في الآخرة.

5. سؤال الصحابة عن ما ينفقونه:

– عقب ذكر حكم الخمر والميسر، سأل الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – عن حكم ما يُنفقونه في سبيل الله، وذلك لما كان شائعًا من عادات العرب في حبهم للإنفاق.

– سؤال الصحابة عن حكم الإنفاق يدل على أهميته بالنسبة لهم، وحرصهم على معرفة الأحكام الصحيحة لضمان قبول الله لإنفاقهم.

– ينفق المسلم في سبيل الله تكفيرًا لذنوبه، ولإسعاد الآخرين، ولوجه الله تعالى.

6. وجوب الإنفاق من العفو:

– أوضح النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة الكرام أن الإنفاق في سبيل الله يجب أن يكون من العفو، وهو الزائد عن الحاجة، وذلك لأن الإنفاق من العفو فيه بركة.

– الإنفاق من العفو هو الذي لا يؤثر على حياة المُنفق، فيظل قادرًا على تلبية احتياجاته الأساسية، فيكون الإنفاق متقبلًا بإذن الله.

– أوضح الفقهاء أن الإنفاق في سبيل الله أفضل أعمال البر، وأن الإنسان قد يصرف على نفسه من غير حسابه، ولكنه عندما ينفق في سبيل الله يحاسب نفسه ويفكر ماذا ينفق وماذا يدخر.

7. بيان الله للآيات ليتفكر المسلمون:

– عقب بيان حكم الخمر والميسر وحكم الإنفاق، أوضح الله عز وجل أنه قد بين الآيات ليتفكر الناس ويتدبروا في هذه الآيات.

– تدبر المسلمين في الآيات القرآنية يعينهم على فهم أحكام الله عز وجل، وفقههم في دينه وجعلهم على بصيرة.

– تدبر الآيات القرآنية يساعد المسلم في فهم معانيها، وحفظها وتسهيل تلاوتها.

الخاتمة:

في نهاية الآية الكريمة، بين الله عز وجل أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير وبعض المنافع، ولكنه أكد أن الإثم أكبر من النفع، كما ذكر الصحابة عن حكم الإنفاق في سبيل الله، فأجابهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن يقدموا من العفو، وأكد الله عز وجل أنه قد بين الآيات ليتفكروا ويتدبروا في أحكام الله عز وجل.

أضف تعليق