حزين يا الله

حزين يا الله

[مقال]

حزين يا الله

مقدمة:

كثيراً ما يثار تساؤل مفاده لماذا خلق الله هذا الكون، وبالضبط هذا الإنسان الذي نحن فيه، وجعله يعاني كل هذه المعاناة، ويجعل حياته كلها ألماً وموتاً. فهل يعقل أن ينتج الله هذا الجمال الكوني للإنسان، ثم يتركه في هذه الأرض، ليعيش حياته في تيه وتفاهة، ويجعله يجري وراء وهم السعادة المفقودة، وكم من مرة يتساءل الإنسان: لماذا خلقت يارب؟ وإذا كان خلقك لي وأنا أعاني فما الهدف من خلقك لي من الأساس؟ وهل الهدف من خلقك لي أن أكون تعيساً؟

1- معاناة الإنسان في الحياة:

– الإنسان في هذه الحياة يعاني كثيراً، في طفولته يعاني من الخوف والحيرة، وقلة الحيلة، وشعور العدائية، وعدم الأمان، وعدم القدرة على التعبير عن نفسه، والشعور بالوحدة، وبالدونية، والغربة، والحنين إلى ماض غير موجود، وشعور الفناء، والضآلة أمام الوجود.

– ومع تقدم الإنسان في السن تزداد معاناته، وتتحول هذه المعاناة إلى معاناة نفسية، بسبب صراعات الحياة وشعور الإنسان بالفقد والحسرة.

– وفي الشيخوخة تزداد معاناة الإنسان أكثر فأكثر، فيصاب بالأمراض، وينعزل عن الناس، ويفقد القدرة على الحركة، ويشعر بالوحدة واليأس، ويصبح عبئاً على نفسه وعلى الآخرين.

2- الإنسان والألم والموت:

– الإنسان كائن ميت من حيث هو، ولا معنى لوجوده إلا من خلال موته. فالإنسان لا يموت لأنه يعيش، بل يعيش لأنه يموت.

– الألم هو جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، وهو رفيقه الدائم منذ ولادته حتى موته. فالإنسان يولد في ألم، ويعيش في ألم، ويموت في ألم.

– الموت هو نهاية حياة الإنسان، وهو قدر محتوم عليه. فالإنسان يعيش في ظل الموت، ويحاول دائماً أن ينساه، لكن الموت يذكّره بنفسه دائماً، ويجعله يشعر بالفناء والضآلة.

3- الإنسان والوجود:

– الإنسان كائن وجودي، أي أنه موجود وليس معدوماً. وهو يشعر بوجوده من خلال علاقته بالآخرين، ومن خلال علاقته بالكون.

– الإنسان كائن متناه، محدود الزمان والمكان. وهو يشعر بتناهيه من خلال الشعور بالفناء والضآلة.

– الإنسان كائن حر، قادر على الاختيار. وهو يشعر بحريته من خلال قدرته على التمرد والعصيان.

4- الإنسان والبحث عن السعادة:

– الإنسان كائن يسعى دائماً إلى السعادة، وهي الغاية القصوى من حياته. وهو يبحث عن السعادة في كل شيء، في المال، والسلطة، والشهرة، والمتعة، والحب.

– لكن السعادة الحقيقية لا توجد في هذه الأشياء، فهي أشياء زائلة وفانية. السعادة الحقيقية موجودة في داخل الإنسان، وهي نابعة من صفاء النفس والضمير والرضا بقضاء الله وقدره.

– السعادة الحقيقية هي سعادة روحية، وهي لا تتأثر بالظروف الخارجية. فهي سعادة دائمة ومستمرة، لا يمكن أن يزعزعها أي شيء.

5- الإنسان والله:

– الإنسان كائن ديني، أي أنه يؤمن بوجود قوة أعلى منه، هي التي خلقت الكون والإنسان. وهو يتوجه إلى هذه القوة العليا بالعبادة والدعاء والتضرع.

– الإنسان يحتاج إلى الله، فهو ضعيف وعاجز، ولا يستطيع أن يعيش بدون مساعدة الله. فالله هو الذي يعطيه القوة والرزق والصحة والعافية.

– الإنسان يجب أن يحب الله، فهو خالقه ومربيه ورازقه. وهو يجب أن يخافه، فهو القادر على أن يعذبه وينعم عليه.

6- الإنسان والكون:

– الإنسان كائن كوني، أي أنه جزء من الكون، وهو مرتبط بالكون من خلال علاقته بالطبيعة. وهو يستمد من الطبيعة الحياة والطعام والماء والهواء.

– الإنسان يؤثر في الكون، فهو يستغله ويغيره ويحوله. وهو يتحمل مسؤولية الحفاظ على الكون وحمايته من التلوث والدمار.

– الإنسان يجب أن يحب الكون، فهو موطنه وهو مصدر حياته. وهو يجب أن يحافظ عليه، فهو تراث الأجيال القادمة.

7- الإنسان والحياة:

– الإنسان كائن حي، أي أنه يتميز عن الجماد والنبات بالقدرة على الحركة والإحساس والتفكير. وهو يعيش في هذه الحياة فترة محدودة، ثم يموت.

– الحياة هي رحلة قصيرة، وهي لا تستحق أن نعاني فيها ونعذب أنفسنا. الحياة هي هدية يجب أن نستمتع بها ونعيشها بكل ما فيها من لحظات جميلة.

– الحياة هي فرصة يجب أن نستغلها لنفعل شيئاً مفيداً لأنفسنا وللآخرين. الحياة هي فرصة يجب أن نستغلها لنترك بصمة خير في هذا العالم.

خاتمة:

الإنسان كائن معقد، وهو لغز كبير لم يستطع أحد أن يفكه حتى الآن. وهو كائن غريب، فهو يعيش في عالم لا يفهمه، وهو يحاول دائماً أن يجد معنى لحياته، لكنه لا يجده. فهو يعيش في صراع دائم مع نفسه ومع الآخرين ومع الكون. لكن على الإنسان أن يتقبل حياته كما هي، وأن يحاول أن يعيشها بكل ما فيها من سعادة وألم.

أضف تعليق