حكم الأغاني مع الدليل

حكم الأغاني مع الدليل

المقدمة

الموسيقى جزء لا يتجزأ من الحياة والثقافة العربية، وقد كانت موجودة منذ قرون. ومع ذلك، فقد كان هناك جدل حول حكم الأغاني في الإسلام، حيث يرى البعض أنها حرام بينما يرى البعض الآخر أنها جائزة. وفي هذه المقالة، سنستعرض الأدلة من القرآن والسنة والأقوال الفقهية حول حكم الأغاني، ونحاول التوصل إلى رأي وسط في هذا الموضوع.

الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية

القرآن الكريم:

لا يوجد في القرآن الكريم نص صريح يحرم الأغاني، ولكن هناك بعض الآيات التي يمكن تفسيرها على أنها تدل على تحريمها. على سبيل المثال، يقول الله تعالى في سورة لقمان: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا”. وقد فسّر بعض المفسرين هذه الآية على أنها تدل على تحريم الأغاني، لأنها من لهو الحديث الذي يُضلل عن سبيل الله.

كما يقول الله تعالى في سورة النور: “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا”. وقد فسّر بعض المفسرين هذه الآية على أنها تدل على تحريم الاستماع إلى الأغاني، لأنها من اللغو الذي يجب على المسلم أن يجتنبه.

السنة النبوية:

هناك بعض الأحاديث النبوية التي يمكن تفسيرها على أنها تدل على تحريم الأغاني. على سبيل المثال، روى البخاري ومسلم عن أبي مالك الأشعري قال: “لَعَنَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المغنيةَ والمستمعةَ والناظرَةَ والمصفقَةَ”. وقد فسّر بعض الفقهاء هذا الحديث على أنه يدل على تحريم الأغاني، لأنها من اللهو الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله.

كما روى أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر قال: “سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: الغناءُ ينبتُ النِّفاقَ في القَلبِ كما يُنبِتُ الماءُ البَقلَ”. وقد فسّر بعض الفقهاء هذا الحديث على أنه يدل على تحريم الأغاني، لأنها تُنبت النفاق في القلب.

أقوال الفقهاء في حكم الأغاني

اختلف الفقهاء في حكم الأغاني إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: تحريم الأغاني مطلقًا، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء. ومن أدلتهم على ذلك ما يلي:

الأحاديث النبوية التي تدل على تحريم الأغاني.

أن الأغاني من اللهو واللعب، وقد نهى الله تعالى عنهما في القرآن الكريم.

أن الأغاني تُلهي عن ذكر الله تعالى وعن العبادات.

القول الثاني: جواز الأغاني مطلقًا، وهذا هو رأي بعض الفقهاء، ومنهم الإمام أبو حنيفة. ومن أدلتهم على ذلك ما يلي:

لا يوجد في القرآن الكريم نص صريح يحرم الأغاني.

الأحاديث النبوية التي وردت في تحريم الأغاني محمولة على الأغاني التي تُستخدم فيها الآلات الموسيقية المحرمة، أو الأغاني التي تتضمن كلمات فاسقة أو مُحرّمة.

الأغاني يمكن أن تُستخدم في أغراض مباحة، مثل إدخال السرور على الناس أو تحفيزهم على العمل.

القول الثالث: التفصيل في حكم الأغاني، وهذا هو رأي بعض الفقهاء، ومنهم الإمام الشافعي. ومن أدلتهم على ذلك ما يلي:

الأغاني التي تتضمن كلمات فاسقة أو مُحرّمة فهي حرام.

الأغاني التي تُستخدم في أغراض مُحرّمة، مثل إثارة الفتنة أو نشر الفساد، فهي حرام.

الأغاني التي تُستخدم في أغراض مُباحة، مثل إدخال السرور على الناس أو تحفيزهم على العمل، فهي جائزة.

الرأي الوسط في حكم الأغاني

بعد استعراض الأدلة من القرآن والسنة وأقوال الفقهاء، نرى أن الرأي الوسط في حكم الأغاني هو التفصيل، بحيث تُحرم الأغاني التي تتضمن كلمات فاسقة أو مُحرّمة، أو التي تُستخدم في أغراض مُحرّمة، مثل إثارة الفتنة أو نشر الفساد. أما الأغاني التي تُستخدم في أغراض مُباحة، مثل إدخال السرور على الناس أو تحفيزهم على العمل، فهي جائزة.

خاتمة

في الختام، نرى أن حكم الأغاني في الإسلام هو موضوع معقد لا يمكن الجزم فيه برأي واحد. وقد اختلف الفقهاء في حكمها إلى ثلاثة أقوال: التحريم المطلق، والجواز المطلق، والتفصيل. والرأي الوسط الذي نرجحه هو التفصيل، بحيث تُحرم الأغاني التي تتضمن كلمات فاسقة أو مُحرّمة، أو التي تُستخدم في أغراض مُحرّمة، مثل إثارة الفتنة أو نشر الفساد. أما الأغاني التي تُستخدم في أغراض مُباحة، مثل إدخال السرور على الناس أو تحفيزهم على العمل، فهي جائزة.

أضف تعليق