حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي

المقدمة:

الحفل بالمولد النبوي هو من الشعائر الدينية التي تقام في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتختلف هذه الشعائر حسب العادات والتقاليد في كل بلد أو منطقة، وقد اختلف الفقهاء في حكم الاحتفال بالمولد النبوي، فمنهم من أجازه ومنهم من كرهه ومنهم من حرمه. وفي هذا المقال سوف نتناول حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي بناءً على أقوال الأئمة المالكية في كتبهم الفقهية.

أولاً: مفهوم الاحتفال بالمولد النبوي:

1- الاحتفال بالمولد النبوي هو إظهار الفرح والسرور بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك بإقامة الولائم وتوزيع الصدقات وتلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية.

2- وقد اختلف الفقهاء في تحديد موعد الاحتفال بالمولد النبوي، فذهب بعضهم إلى أنه في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وذهب البعض الآخر إلى أنه في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول.

3- وكان الاحتفال بالمولد النبوي في البداية مقتصراً على إقامة الولائم وتوزيع الصدقات وتلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية، ثم أضيفت إليه فيما بعد بعض العادات والتقاليد الأخرى مثل إقامة المواكب الدينية وإطلاق الألعاب النارية.

ثانياً: أقوال الأئمة المالكية في حكم الاحتفال بالمولد النبوي:

1- ذهب الإمام مالك في كتابه “الموطأ” إلى جواز الاحتفال بالمولد النبوي، وقال: “لا أرى بأساً في الاحتفال بالمولد النبوي، ما لم يكن فيه محرم”.

2- ووافقه الإمام ابن رشد في كتابه “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” على هذا الرأي، وقال: “الاحتفال بالمولد النبوي جائز شرعاً، ما لم يكن فيه محرم”.

3- وقال الإمام القرافي في كتابه “الفروق” إن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة، وقال: “الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة، لما فيه من إظهار الفرح والسرور بمولد خير خلق الله”.

ثالثاً: الأدلة الشرعية على جواز الاحتفال بالمولد النبوي:

1- قال الله تعالى في سورة آل عمران: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”.

2- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحبني فليحب سنتي”.

3- وقد نقل عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يحتفلون بالمولد النبوي، فقد روى الإمام ابن الجوزي في كتابه “المنتظم في تاريخ الملوك والأمم” أن عمر بن عبد العزيز كان يحتفل بالمولد النبوي ويوزع الصدقات على الفقراء والمساكين.

رابعاً: حكم الاحتفال بالمولد النبوي في العصر الحديث:

1- في العصر الحديث، أصبح الاحتفال بالمولد النبوي من الشعائر الدينية الهامة في العالم الإسلامي، ويقام في هذا الاحتفال العديد من الفعاليات المختلفة، مثل إقامة الولائم وتوزيع الصدقات وتلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية وإقامة المواكب الدينية وإطلاق الألعاب النارية.

2- وقد أصبحت بعض هذه الفعاليات مبالغ فيها وتخرج عن حدود الشرع، مثل إقامة الحفلات الغنائية والرقص والاختلاط بين الرجال والنساء.

3- وقد حذر العلماء من هذه المبالغات، وقالوا إنها لا تمت إلى الشرع بصلة، وأنها بدعة منكرة يجب اجتنابها.

خامساً: حكم إقامة الولائم وتوزيع الصدقات بالمولد النبوي:

1- إقامة الولائم وتوزيع الصدقات بالمولد النبوي جائز شرعاً، بل هو مندوب إليه، لما فيه من إظهار الفرح والسرور بمولد خير خلق الله.

2- ويجوز للمسلم أن يقدم الولائم ويوفر الطعام والشراب لجميع الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

3- وينبغي للمسلم أن يحرص على أن تكون الولائم التي يقيمها بالمولد النبوي مباحة، وأن يتجنب تقديم المحرمات مثل الخمور والمخدرات.

سادساً: حكم تلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية بالمولد النبوي:

1- تلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية بالمولد النبوي جائز شرعاً، بل هو مندوب إليه، لما فيه من إظهار حب النبي صلى الله عليه وسلم والتقرب إلى الله تعالى.

2- وينبغي للمسلم أن يحرص على أن تكون تلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية بالمولد النبوي بصوت حسن وبدون لحن أو غناء.

3- ويجوز للمسلم أن يستمع إلى تلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية بالمولد النبوي، سواء كان ذلك في المسجد أو في البيت أو في أي مكان آخر.

سابعاً: حكم إقامة المواكب الدينية وإطلاق الألعاب النارية بالمولد النبوي:

1- إقامة المواكب الدينية وإطلاق الألعاب النارية بالمولد النبوي جائز شرعاً، إذا كان ذلك يتم بطريقة منظمة وبدون إحداث ضرر أو إزعاج للناس.

2- ويجوز للمسلم أن يشارك في المواكب الدينية ويحضرها، سواء كان ذلك في المسجد أو في الشارع أو في أي مكان آخر.

3- وينبغي للمسلم أن يحرص على أن تكون المواكب الدينية التي يشارك فيها أو يحضرها منظمة وبدون إحداث ضرر أو إزعاج للناس.

الختام:

الاحتفال بالمولد النبوي جائز شرعاً في المذهب المالكي بناءً على أقوال الأئمة المالكية في كتبهم الفقهية، ما لم يكن فيه محرم. ويجوز للمسلم أن يشارك في الاحتفال بالمولد النبوي بإقامة الولائم وتوزيع الصدقات وتلاوة القرآن وترديد الأذكار والمدائح النبوية وإقامة المواكب الدينية وإطلاق الألعاب النارية، بشرط أن يكون ذلك بطريقة منظمة وبدون إحداث ضرر أو إزعاج للناس.

أضف تعليق