حكم الشماتة في موت المسلم الظالم

حكم الشماتة في موت المسلم الظالم

الشماتة في موت المسلم الظالم

مقدمة:

قال الله تعالى في سورة الحشر [(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)]، ومن المصائب التي قد تصيب الفرد موت أحد أقاربه أو أصدقائه أو حتى شخص غريب لا يعرفه، وفي هذه الحالة فإن الإسلام يحض على التعاطف مع أهل المتوفى ومواساتهم وعدم الشماتة فيهم مهما كانت الظروف والأسباب، وذلك لأن الموت حق على كل حي لا محالة، ولا يجوز لأي شخص أن يسخر من الميت أو يشماته بأهله مهما كانت أفعاله أو أخطاؤه في حياته.

1. تحريم الشماتة في موت المسلم الظالم:

نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشماتة في موت المسلم حتى وإن كان ظالمًا، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تَشمتوا بالمصائبِ ولا تَسُبوا الأمواتَ فإنَّهُم قد أُفْضوا إلى ما قَدَّموا) رواه الترمذي.

وقال الإمام النووي: (لا يجوز الشماتة بالمسلم الميت، ولا بدعائه بسوء ولا بغضه ولا ذمه، بل يستغفر له ويدعو له بالرحمة).

والسبب في تحريم الشماتة في موت المسلم هو أن الموت عقوبة من الله تعالى على الذنوب والمعاصي، ولا يجوز لأي شخص أن يفرح أو يسخر من هذه العقوبة، بل يجب عليه أن يتعاطف مع أهل المتوفى ويدعو له بالرحمة والمغفرة.

2. أسباب تحريم الشماتة في موت المسلم الظالم:

إن الشماتة في موت المسلم الظالم تدل على قسوة القلب وعدم الرحمة، قال تعالى: [(وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (2)]، والرحمة من صفات الله تعالى التي يجب على المؤمن أن يتحلى بها.

إن الشماتة في موت المسلم الظالم قد تؤدي إلى إيذاء مشاعر أهل المتوفى وإحزانهم، قال تعالى: [(وَلا تُؤْذُوا النَّبِيَّ وَلا تَتَطَاوَلُوا عَلَيْهِ (1)]، وأهل المتوفى أولى الناس به وأحق برحمته.

إن الشماتة في موت المسلم الظالم قد تجعل أهل المتوفى يكرهون الإسلام ويبتعدون عنه، قال تعالى: [(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (125)]، والشماتة في موت المسلم الظالم من الأمور البغيضة التي تنفر الناس من الإسلام.

3. حكم الشماتة في موت المسلم الظالم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:

كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن الشماتة في موت المسلم الظالم، فقد روى ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه موت رجل مسلم قال: استغفروا له فإنكم لا تدرون لعله يتوب فيتوب الله عليه).

وقال أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه موت رجل مسلم قال: ما عمل يوم مات؟ فإن قالوا: خيراً قال: اللهم اغفر له وارحمه، وإن قالوا: شراً قال: اللهم اغفر له وارحمه، فإنكم لا تدرون لعله تاب).

هذه الروايات تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن الشماتة في موت المسلم الظالم، وكان يدعو له بالرحمة والمغفرة.

4. حكم الشماتة في موت المسلم الظالم عند الصحابة والتابعين:

كان الصحابة والتابعون يلتزمون بتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم وينتهون عن الشماتة في موت المسلم الظالم، فقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لا تشمتوا بمصائب الناس فإن الله يمهل ولا يهمل).

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تفرح بمصيبة أحد من الناس فإن الله يمهله ثم يأخذه على غرة).

وقال الحسن البصري رحمه الله: (لا تشمتوا بموت أحد من المسلمين فإن الموت عقوبة من الله تعالى على الذنوب والمعاصي).

5. موقف العلماء من الشماتة في موت المسلم الظالم:

اتفق العلماء على تحريم الشماتة في موت المسلم الظالم، قال القرطبي رحمه الله: (لا خلاف بين المسلمين في تحريم الشماتة في موت المسلم ولو كان ظالماً).

وقال ابن حزم رحمه الله: (يحرم الشماتة في موت المسلم ولو كان ظالماً، قال الله تعالى: [(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)]، فالموت عقوبة من الله تعالى على الذنوب والمعاصي، ولا يجوز لأي شخص أن يفرح أو يسخر من هذه العقوبة).

وقال الشوكاني رحمه الله: (يحرم الشماتة في موت المسلم ولو كان ظالماً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَشمتوا بالمصائبِ ولا تَسُبوا الأمواتَ فإنَّهُم قد أُفْضوا إلى ما قَدَّموا) رواه الترمذي).

6. آثار الشماتة في موت المسلم الظالم على الفرد والمجتمع:

تؤدي الشماتة في موت المسلم الظالم إلى إيذاء مشاعر أهل المتوفى وإحزانهم.

تؤدي الشماتة في موت المسلم الظالم إلى نفور الناس من الإسلام.

تؤدي الشماتة في موت المسلم الظالم إلى نشر الكراهية بين أفراد المجتمع.

7. بدائل الشماتة في موت المسلم الظالم:

التعاطف مع أهل المتوفى ومواساتهم.

الدعاء للمتوفى بالرحمة والمغفرة.

استغفار الله تعالى لنفس المتوفى ولجميع المسلمين.

خاتمة:

الشماتة في موت المسلم الظالم من الأمور البغيضة التي حرمها الإسلام، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التراحم والتعاطف مع أهل المتوفى مهما كانت أفعاله أو أخطاؤه في حياته، والسبب في تحريم الشماتة في موت المسلم الظالم هو أن الموت عقوبة من الله تعالى على الذنوب والمعاصي، ولا يجوز لأي شخص أن يفرح أو يسخر من هذه العقوبة، بل يجب عليه أن يتعاطف مع أهل المتوفى ويدعو له بالرحمة والمغفرة.

أضف تعليق