حكم المزمار

حكم المزمار

العنوان: حكم المزمار في الشريعة الإسلامية

المقدمة:

يعتبر المزمار آلة موسيقية قديمة استخدمت عبر التاريخ في العديد من الثقافات حول العالم، وقد اختلف الفقهاء في حكم المزمار في الشريعة الإسلامية، فمنهم من حرمه ومنهم من أجازه، وذلك لاختلاف الآراء حول طبيعة الموسيقى وحكمها في الإسلام.

أولاً: الأدلة التي استند عليها المحرِّمون:

1. الأحاديث النبوية الشريفة:

– عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، وينشأ فيهم قوم يضربون بالمعازف ويغنون بالغناء، ويأتون يوم القيامة وعليهم سرابيل من قطران، ويُلجمون بلجام من نار”.

– عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر، وإن كل مسكر حرام، ملعون من يأكل ثمنه، ومن يشتريه، ومن يلبسه، ومن يعصره، ومن يحمله، ومن يحمله إلى معصرة”.

2. الآثار عن الصحابة والتابعين:

– عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “المزمار من اللهو المحرم”.

– عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: “المزمار آلة الشيطان”.

3. القياس:

– قاس المحرمون المزمار على غيره من المحرمات التي يترتب عليها مفاسد، مثل الخمر والميسر، حيث أن المزمار قد يؤدي إلى الانحراف والفساد في المجتمع.

ثانياً: الأدلة التي استند عليها المجيزون:

1. الأحاديث النبوية الشريفة:

– عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان أبو بكر رضي الله عنه عندي وأنا أسمع جاريتين تغنيان بغناء بعاث، فقال أبو بكر: أفي بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مزمار الشيطان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا”.

– عن أنس رضي الله عنه قال: “دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان تغنيان، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب برجليه الأرض حتى خرجتا”.

2. الآثار عن الصحابة والتابعين:

– عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “المزمار حلال ما لم يكن فيه لهو”.

– عن سعيد بن جبير رحمه الله أنه قال: “المزمار حلال، ولكن كرهه قوم”.

3. القياس:

– قاس المجيزون المزمار على غيره من المباحات التي لا يترتب عليها مفاسد، مثل الطعام والشراب، حيث أن الاستماع إلى الموسيقى قد يكون مفيدًا للنفس ويساعد على الاسترخاء وتخفيف التوتر.

ثالثاً: شروط جواز المزمار:

1. أن يكون الغناء خالياً من الكلمات البذيئة والماجنة.

2. أن يكون الغناء خالياً من الآلات الموسيقية المحرمة، مثل الطبول والدفوف.

3. أن يكون الغناء خالياً من الحركات الراقصة أو غيرها من الأمور المحرمة.

رابعاً: الضوابط التي يجب مراعاتها عند الاستماع إلى المزمار:

1. يجب الاستماع إلى المزمار باعتدال، وعدم الإفراط في ذلك.

2. يجب الاستماع إلى المزمار في المجالس النظيفة والطاهرة.

3. يجب تجنب الاستماع إلى المزمار في الأماكن العامة التي قد يؤدي فيها ذلك إلى إزعاج الآخرين.

خامساً: أقوال العلماء المعاصرين في حكم المزمار:

1. الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

– يرى الشيخ العثيمين أن المزمار محرم، واستدل على ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين.

2. الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله:

– يرى الشيخ القرضاوي أن المزمار جائز إذا توافرت فيه الشروط المذكورة أعلاه، واستدل على ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين.

3. الشيخ محمد حسان حفظه الله:

– يرى الشيخ حسان أن المزمار جائز إذا كان خالياً من المحرمات، واستدل على ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين.

سادساً: حكم المزمار في العبادات:

1. يرى جمهور الفقهاء أن استخدام المزمار في العبادات محرم، وذلك لأن العبادات يجب أن تكون خالية من أي شبهة أو حرام.

2. يرى بعض الفقهاء أن استخدام المزمار في العبادات جائز إذا كان خالياً من المحرمات، واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن استخدام المزمار في العبادات.

سابعاً: حكم المزمار في الأفراح والمناسبات:

1. يرى جمهور الفقهاء أن استخدام المزمار في الأفراح والمناسبات جائز، وذلك بشرط أن يكون خالياً من المحرمات.

2. يرى بعض الفقهاء أن استخدام المزمار في الأفراح والمناسبات محرم، وذلك لأن ذلك من باب الترف واللهو.

الخلاصة:

حكم المزمار في الشريعة الإسلامية هو محل خلاف بين الفقهاء، حيث يرى المحرِّمون حرمته استناداً إلى الأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين والقياس، أما المجيزون فيرون جوازه استناداً إلى الأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين والقياس. وقد وضع العلماء شروطاً وضوابط يجب مراعاتها عند الاستماع إلى المزمار، كما اختلفوا في حكم المزمار في العبادات والأفراح والمناسبات.

أضف تعليق