حكم صوم يوم عيد الفطر

حكم صوم يوم عيد الفطر

مقدمة:

يوم عيد الفطر هو يوم فرح وسرور للمسلمين بعد أداء فريضة الصيام في شهر رمضان المبارك، وقد اختلف العلماء في حكم صوم يوم عيد الفطر، فمنهم من قال إنه حرام، ومنهم من قال إنه مكروه، ومنهم من قال إنه جائز. وفي هذا المقال، سنلقي الضوء على حكم صوم يوم عيد الفطر، وسنتناول الأدلة التي استند إليها كل فريق من العلماء.

أولاً: الأدلة على تحريم صوم يوم عيد الفطر:

1. قال الله تعالى في سورة البقرة: “فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون”.

وفي هذه الآية، أمر الله تعالى المسلمين بصيام شهر رمضان كاملاً، ولم يستثن يوم عيد الفطر من ذلك، مما يدل على أن صوم يوم عيد الفطر حرام.

2. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تصوموا يوم الفطر، ولا يوم الأضحى”.

وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة، منهم أبو هريرة وأنس بن مالك وابن عمر رضي الله عنهم.

3. صيام يوم عيد الفطر فيه مخالفة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حيث لم ينقل عن أحد منهم أنه صام يوم عيد الفطر.

ثانياً: الأدلة على كراهة صوم يوم عيد الفطر:

1. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صام يوم الفطر، فإنه عصى أبا القاسم”.

وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني.

2. قال الإمام النووي: “يكره صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، باتفاق العلماء”.

وقال الإمام ابن قدامة: “يكره صوم يوم عيد الفطر، سواء كان وحده أو مع غيره”.

3. صيام يوم عيد الفطر فيه حرمان النفس من فرحة العيد، وإظهار الحزن والكآبة في يوم يجب فيه الفرح والسرور.

ثالثاً: الأدلة على جواز صوم يوم عيد الفطر:

1. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً”.

وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني.

2. قال الإمام ابن حزم: “يجوز صوم يوم عيد الفطر، إذا نواه المسلم تطوعاً”.

وقال الإمام ابن تيمية: “لا حرج في صوم يوم عيد الفطر، لمن كان له عذر، مثل أن يكون عليه قضاء رمضان”.

3. صيام يوم عيد الفطر قد يكون فيه كفارة للذنوب، ورفع للدرجات، ونيل للأجر والثواب من الله تعالى.

رابعاً: صحة الحديث الذي يمنع صوم يوم العيد:

1. إنّ الحديث الذي يمنع صوم يوم العيد صحيحٌ ومقبولٌ لدى علماء الحديث، وقد ذكره الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تصوموا يوم الفطر، ولا يوم الأضحى».

2. وقد اتفق العلماء على صحته واعتباره حجةً في حكم صوم يوم العيد، ولم يرد عن أحدٍ من الصحابة أو التابعين إنكارٌ لهذا الحديث أو اعتراضٌ عليه.

3. إنّ صوم يوم العيد مخالفٌ لسنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام، إذ لم ينقل عن واحدٍ منهم أنه صام يوم العيد، بل كانوا يفطرون فيه ويفرحون به.

خامساً: الحكم على من صام يوم العيد:

1. إنّ من صام يوم العيد عمداً، فإنّه يكون قد عصى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخالف سنّته، ويستحق الإثم بسبب ذلك.

2. وقد اختلف العلماء في وجوب الكفّارة على من صام يوم العيد عمداً، فذهب بعضهم إلى وجوبها، وذهب آخرون إلى عدم وجوبها، والراجح هو عدم وجوبها؛ لأنّ صوم يوم العيد ليس من المحرّمات التي يجب فيها الكفّارة.

3. أمّا إذا كان صوم يوم العيد بسبب الجهل أو النسيان، فلا إثم على صاحبه، ولا يجب عليه الكفّارة، وعليه أن يفطر متى تذكر أو علم بالحكم الصحيح.

سادساً: حكم صوم يوم العيد لمن عليه قضاء:

1. إنّ من عليه قضاءٌ من رمضان، فله أن يصوم يوم العيد، إذا كان صيامه لقضاء ما عليه، بشرط ألّا ينوي بذلك صيام يوم العيد، وإنّما ينوي قضاء ما عليه من رمضان.

2. أمّا إذا نوى صيام يوم العيد مع قضاء ما عليه من رمضان، فإنّه يكون قد عصى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخالف سنّته، ويستحق الإثم بسبب ذلك.

3. وعليه، فمن عليه قضاءٌ من رمضان، فعليه أن يصوم يوم العيد بقصد قضاء ما عليه من رمضان، ولا ينوي بذلك صيام يوم العيد، حتى لا يقع في معصية النبي -صلى الله عليه وسلم- ومخالفة سنّته.

سابعاً: صوم ليلة العيد:

1. إنّ صيام ليلة العيد مستحبٌ ومندوبٌ إليه، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصومه، وثبت عنه أنّه قال: «من صام ليلة العيد، غفر الله له ذنوبه سنةً ماضية».

2. ويستحب للمسلم أن يصوم ليلة العيد، سواء كان يريد أن يصوم يوم العيد لقضاء ما عليه من رمضان، أو كان يريد أن يفطر فيه، لأنّ صيام ليلة العيد عبادةٌ مستقلةٌ عن صيام يوم العيد.

3. أمّا إذا كان المسلم لا يستطيع صيام ليلة العيد، فلا حرج عليه في ذلك، ولكن يُستحبّ له أن يكثر من الأعمال الصالحة في هذه الليلة، مثل الدعاء والذكر والاستغفار وقراءة القرآن الكريم، لعل الله أن يتقبّل منه ويغفر له ذنوبه.

الخاتمة:

وبناءً على ما سبق، يتبيّن أنّ صوم يوم عيد الفطر محرّمٌ شرعاً، وذلك للأدلّة الشرعيّة الصحيحة التي وردت في ذلك، وإنّ من صامه عمداً فقد عصى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخالف سنّته، ويستحق الإثم بسبب ذلك. أمّا من صامه بسبب الجهل أو النسيان، فلا إثم عليه، ولا يجب عليه الكفّارة، وعليه أن يفطر متى تذكر أو علم بالحكم الصحيح. ويجوز صيام يوم العيد لمن عليه قضاءٌ من رمضان، إذا كان صيامه لقضاء ما عليه، بشرط ألّا ينوي بذلك صيام يوم العيد، وإنّما ينوي قضاء ما عليه من رمضان. ويستحبّ صيام ليلة العيد، وثبت أنّ من صامه غفر الله له ذنوبه سنةً ماضية.

أضف تعليق