الخطبة الأولى:
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإن البدعة في الدين من الأمور الخطيرة التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كل عبادة أو عمل لم يرد شرعه في الكتاب والسنة، وهي على أنواع كثيرة منها ما هو كفر ومنها ما هو فسق ومنها ما هو معصية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.
الحكم الشرعي للبدعة:
البدعة في الدين محرمة شرعًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، ولأنها من التعدي على حدود الله والتغيير في شرعه، ولأنها تؤدي إلى الفتنة والاختلاف بين المسلمين، ولأنها تبطل الأعمال الصالحة وتوجب الإثم على صاحبها.
أقسام البدعة:
تنقسم البدعة إلى قسمين: بدعة مكفرة وبدعة غير مكفرة. فمن اعتقد أن شيئًا من دين الله باطل أو حلالًا وهو حرام أو بالعكس فهذا كفر أكبر، أما من عمل عملاً لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعتقد أنه عبادة فهذا بدعة غير مكفرة.
البدعة المكفرة:
البدعة المكفرة هي التي تناقض عقيدة التوحيد أو تنفي شيئاً من أركان الإسلام أو واجباته، أو تعتقد أن شيئًا من المحرمات حلال، أو تبطل شيئًا من العبادات المشروعة، أو تزيد عليها أو تنقص منها، أو تعتقد أن شيئًا من المخلوقات له حق العبادة غير الله عز وجل.
أمثلة على البدعة المكفرة:
– عبادة الأصنام والأوثان.
– إنكار نبوة أحد من الأنبياء.
– الاستهزاء بالقرآن الكريم أو بالسنة النبوية.
– تكذيب شيء مما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم.
– الدعاء لغير الله تعالى أو النذر لغيره.
– الاعتقاد بأن هناك إلهًا آخر غير الله عز وجل.
البدعة غير المكفرة:
البدعة غير المكفرة هي التي لا تناقض عقيدة التوحيد ولا تنفي شيئًا من أركان الإسلام أو واجباته، ولا تعتقد أن شيئًا من المحرمات حلال، ولا تبطل شيئًا من العبادات المشروعة، ولا تزيد عليها أو تنقص منها، ولا تعتقد أن شيئًا من المخلوقات له حق العبادة غير الله عز وجل.
أمثلة على البدعة غير المكفرة:
– إحداث الأعياد والمناسبات الدينية التي لم يرد بها نص.
– إحداث الطرق والأساليب في العبادات التي لم يرد بها نص.
– إحداث الزيادات في العبادات التي لم يرد بها نص.
– إحداث النقصان من العبادات التي لم يرد بها نص.
– إحداث التغيير في العبادات التي لم يرد بها نص.
الخطبة الثانية:
من أسباب البدعة:
الجهل بالدين: الجهل بالدين والإسلام من أهم أسباب الوقوع في البدعة، حيث يجهل الإنسان ما أمر الله به وما نهاه عنه، فيقع في البدع.
التعصب المذهبي: التعصب المذهبي وتقديم مذهب معين على غيره من المذاهب الإسلامية الأخرى، واتباع ما فيه من بدع دون النظر إلى الأدلة الشرعية، يؤدي إلى الوقوع في البدعة.
حب الظهور والشهرة: حب الظهور والشهرة والرغبة في أن يكون الإنسان مميزًا عن غيره، يدفعه إلى إحداث البدع والابتداع في الدين، لكي يلفت الأنظار إليه.
اتباع الهوى: اتباع الهوى والشهوات والرغبات الشخصية دون النظر إلى الأدلة الشرعية، يؤدي إلى الوقوع في البدعة، لأن الإنسان يتبع ما يشتهيه قلبه دون النظر إلى ما أمر الله به أو نهاه عنه.
آثار البدعة:
الفتنة والاختلاف: البدعة تؤدي إلى الفتنة والاختلاف بين المسلمين، لأن كل فرقة تدعي أنها على الحق وأن غيرها على الباطل، وهذا يؤدي إلى العداوة والبغضاء بين المسلمين.
بطلان الأعمال: البدعة تبطل الأعمال الصالحة، لأنها من التعدي على حدود الله والتغيير في شرعه، ولأنها تؤدي إلى الشرك بالله عز وجل.
الإثم والعقاب: البدعة توجب الإثم على صاحبها، لأنها من المعاصي التي نهى الله عنها ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: “ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً”.
الحماية من البدعة:
التعلم والدراسة: يجب على المسلم أن يتعلم دينه ويدرسه ليعلم ما أمر الله به وما نهاه عنه، ويتقي الوقوع في البدع.
اتباع السلف الصالح: يجب على المسلم أن يتبع سلف الأمة الصالح، لأنهم هم الذين فهموا الدين على حقيقته واتبعوه كما أمر الله ورسوله.
الحذر من أهل البدع: يجب على المسلم أن يحذر من أهل البدع والابتداع، وأن يتجنب مجالستهم ومناظرتهم، وأن ينصحهم ويدعوهم إلى الحق.
الاستعاذة بالله من البدعة: يجب على المسلم أن يستعيذ بالله من الوقوع في البدعة، وأن يدعو الله أن يثبته على الحق ويهديه إلى الصراط المستقيم.
الخاتمة:
عباد الله: إن البدعة في الدين من الأمور الخطيرة التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من التعدي على حدود الله والتغيير في شرعه، وهي تؤدي إلى الفتنة والاختلاف بين المسلمين، ولأنها تبطل الأعمال الصالحة وتوجب الإثم على صاحبها، فاتقوا الله تعالى وتجنبوا الوقوع في البدعة، واتبعوا سلف الأمة الصالح، واحذروا من أهل البدع والابتداع، واستعيذوا بالله من البدعة، ودعوه أن يثبتكم على الحق ويهديكم إلى الصراط المستقيم.