خطبة عن الخبيئة الصالحة

خطبة عن الخبيئة الصالحة

خطبة عن الخبيئة الصالحة

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده هي نعمة المال، قال تعالى: “وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا”، وقال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ”، وقال تعالى: “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ”.

ولكن المال نعمة عظيمة، وهو أيضا فتنة عظيمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حب المال والجاه في دين المرء المسلم”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” حب الدنيا رأس كل خطيئة”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس الغنى بكثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس”.

1. مفهوم الخبيئة الصالحة:

الخبيئة الصالحة هي المال الذي يدخره الإنسان لنفسه وأهله من الحلال، وينفقه في وجوه الخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ترك خيرا أصاب به بعده فهذا خيرا له من الدنيا وما فيها”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير مال المرء ما أفاده بعده”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أكل امرؤ طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده”.

2. أهمية الخبيئة الصالحة:

للخبيئة الصالحة أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فهي:

– تحفظه من سؤال الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فمن استعف أعفه الله، ومن استغنى أغناه الله”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سلوا الله الغنى والرضا، فإن الغنى من الله، والرضا من المرء”.

– تساعده على أداء واجباته الدينية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان غنيا موسرا فليتصدق، ومن كان عائلا فليعمل بيديه، فلينفق من كسبه ولا يسأل الناس إلحافا”.

– تمكنه من مساعدة الآخرين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس أنفعهم للناس”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفس محمد بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

3. شروط الخبيئة الصالحة:

حتى تكون الخبيئة صالحة، يجب أن تتوفر فيها شروط، منها:

– أن تكون حلالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس، اتقوا الله، وكلوا الحلال الطيب”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من اكتسب مالا حراما ثم تصدق به لم يقبل منه”.

– أن تكون مكتسبة من عمل مشروع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كسب مالا من غير حله، كان كمن اجتمع عليه قوم فأكلوا منه، ولا يأكل منه تقي”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من غشنا فليس منا”.

– أن تكون خالية من الربا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل الذي ينكح أمه”.

4. أوجه إنفاق الخبيئة الصالحة:

يمكن إنفاق الخبيئة الصالحة في وجوه الخير، منها:

– إعالة النفس والأسرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من اكتسب طيبا وأنفق على نفسه وأهله طيبا، فهو من المجاهدين في سبيل الله”.

– الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة”.

– بناء المساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها من المنشآت الخيرية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتا في الجنة”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من بنى مدرسة فقد فاز بالأجر إلى يوم القيامة”.

5. فضل الخبيئة الصالحة في الدنيا والآخرة:

للخبيئة الصالحة فضل كبير في الدنيا والآخرة، منها:

– البركة في الرزق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بارك الله في مال رجل أدى زكاته”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بروا آباءكم يبارك لكم في أعماركم وأرزاقكم”.

– الصحة والعافية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصحة تسعة أعشار الراحة”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى قال: وعزتي وجلالي، ما ابتليت عبدي المؤمن ببلاء قط، إلا رفعت درجته”.

– الفوز برضا الله والجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أنفق نفقة ابتغاء وجه الله، كان له عشر أمثالها”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يدخل على أهل الجنة يحاسبهم ويقول: يا عبادي، هل تذكرون حين كنتم تسألوني فأعطيتكم، فيقولون: يا رب، كنت تعطينا ولم تسألنا، فيقول: يا عبادي، أفلا يحق لي أن أشكركم على ما أعطيتكم”.

6. وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن الخبيئة الصالحة:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالخبيئة الصالحة، ومن وصاياه:

– أن لا يدخروا من الحلال إلا ما يكفيهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حسب امرئ من الدنيا قوته”.

– أن لا يحرصوا على جمع المال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا حرص إلا حرص على إسلام أو مال”.

– أن يتصدقوا بما فضل عن حاجتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة”.

7. قصص من السيرة النبوية عن الخبيئة الصالحة:

– قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أغنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتصدق بماله الكثير، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أبا بكر، لو تركت لولدك شيئا”.

– قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشد الناس زهدا في المال، وكان يتصدق بمعظم ماله، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا عمر، اتق الله ولا تكن جلد فجلد”.

– قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا معه إلى المدينة المنورة، وكان من أغنى المسلمين، وكانت تجارته رابحة، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما لك يوم القيامة يا عبد الرحمن؟”.

الخاتمة:

إن الخبيئة الصالحة من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، وهي من أسباب الفوز برضا الله والجنة، ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فعلينا أن نسعى إليها ونحرص عليها وننفقها في وجوه الخير، لكي ننال بركة الله تعالى في الدنيا والآخرة.

أضف تعليق