ذكر الزركشي عن الاستشفاء بالقرآن أنه لن ينتفع به إلا

No images found for ذكر الزركشي عن الاستشفاء بالقرآن أنه لن ينتفع به إلا

مقدمة

الاستشفاء بالقرآن الكريم من الأمور التي يكثر البحث عنها والاهتمام بها، لما له من فوائد عظيمة على الصحة النفسية والجسدية، وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من الأدلة على ذلك، ويعد الإمام الزركشي من أهم علماء المسلمين الذين ألفوا في هذا المجال، حيث ذكر في كتابه “البرهان في علوم القرآن” أن الاستشفاء بالقرآن الكريم لن ينتفع به إلا من توفرت فيه مجموعة من الشروط والأحوال، وفي هذا المقال سوف نستعرض هذه الشروط والأحوال بالتفصيل.

أولاً: الإيمان واليقين:

1. الإيمان الكامل بالله تعالى وكتابه الكريم، وأن القرآن الكريم كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه شفاء لما في الصدور من أمراض، كما قال تعالى: ﴿وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين﴾ [الإسراء: 82].

2. اليقين بأن الاستشفاء بالقرآن الكريم هو أمر ممكن وواقعي، وأن القرآن الكريم فيه آيات قرآنية وأدعية وأذكار وأسماء الله الحسنى التي لها تأثير كبير في شفاء الأمراض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن هذا القرآن فيه شفاء لما في الصدور من داء”.

3. الثقة التامة في قدرة الله تعالى على الشفاء، وأن الشفاء لا يكون إلا بإذنه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: ﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء﴾ [فصلت: 44].

ثانياً: الإخلاص لله تعالى:

1. الإخلاص لله تعالى في الاستشفاء بالقرآن الكريم، وعدم الشرك به، وذلك بأن يكون الهدف من الاستشفاء هو مرضاة الله تعالى وحده، وأن يكون الدافع هو التقرب إليه سبحانه وتعالى، لا الرياء أو السمعة أو التكسب المادي.

2. الإخلاص في تلاوة القرآن الكريم وقراءته، وذلك بأن يكون القلب حاضرًا مع الآيات القرآنية التي يتم تلاوتها، وأن يكون العقل متدبرًا لمعانيها، وأن تكون النية خالصة لله تعالى.

3. الإخلاص في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بالشفاء، وذلك بأن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى، وأن يكون خاليًا من الشرك والبدع، وأن تكون النية صافية خالصة لله تعالى.

ثالثًا: اتباع السنة النبوية:

1. اتباع السنة النبوية الشريفة في الاستشفاء بالقرآن الكريم، وذلك بأن يكون الاستشفاء وفقًا لما جاء في السنة النبوية، وأن يتم اتباع تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد، مثل قراءة القرآن الكريم بطريقة صحيحة، وتلاوته بصوت جميل، والتدبر في معانيه، والدعاء والتضرع إلى الله تعالى بالشفاء.

2. الالتزام بالآداب الشرعية عند الاستشفاء بالقرآن الكريم، مثل الطهارة والوضوء، واستقبال القبلة، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع، والحذر من قراءة القرآن الكريم في الأماكن النجسة أو أمام المتنجسات.

3. التواصي بالاستشفاء بالقرآن الكريم بين أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران، وذلك لما له من أثر كبير في تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع المسلم.

رابعًا: الحذر من البدع والخرافات:

1. الحذر من البدع والخرافات التي انتشرت بين بعض الناس في الاستشفاء بالقرآن الكريم، مثل قراءة القرآن الكريم على الماء أو الزيت أو الطعام أو غير ذلك من الأشياء، ثم شربها أو استخدامها في الشفاء من الأمراض، فهذه الأمور من البدع والخرافات التي لا أصل لها في الشريعة الإسلامية.

2. الحذر من استخدام القرآن الكريم في أعمال السحر والشعوذة والدجل، فهذه الأمور محرمة شرعًا، وهي من الكبائر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد توعد الله تعالى مرتكبيها بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة.

3. الحذر من استخدام القرآن الكريم في أعمال الرقية الشرعية دون علم أو معرفة، فالرقية الشرعية لها ضوابط وشروط يجب الالتزام بها، ولا يجوز لأحد أن يمارسها إلا إذا كان مؤهلاً لذلك شرعًا وعلميًا.

خامسًا: التوكل على الله تعالى:

1. التوكل على الله تعالى في الاستشفاء بالقرآن الكريم، وذلك بأن يعلم المسلم أن الشفاء من الله وحده، وأن القرآن الكريم وسيلة من وسائل الشفاء التي شرعها الله تعالى لعباده، وأن الشفاء لا يكون إلا بإذنه سبحانه وتعالى.

2. عدم اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى، حتى وإن طال المرض أو اشتد، وذلك لأن الله تعالى هو الشافي المعافي، وهو القادر على شفاء أي مرض مهما كان نوعه، كما قال تعالى: ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾ [الشعراء: 80].

3. الصبر على المرض والابتلاء، وذلك بأن يتحمل المسلم المرض ويتصبر عليه، ولا يتذمر أو يسخط، فإن الصبر على المرض من أعظم أسباب الشفاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المرض مؤمن، فإذا مرض فاستبشروا بعفو الله له”.

سادسًا: الدعاء والتضرع:

1. الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بالشفاء، وذلك بأن يكثر المسلم من الدعاء إلى الله تعالى بأن يشفيه من مرضه، وأن يعافيه من كل مكروه، وأن يرد إليه صحته وعافيته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مخ العبادة”.

2. الإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وذلك بأن يلح المسلم في الدعاء إلى الله تعالى بالشفاء، ولا يكل ولا يمل، فإن الإلحاح في الدعاء من أعظم أسباب قبول الدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الملحين في الدعاء”.

3. الدعاء في أوقات الإجابة، وذلك بأن يدعو المسلم في أوقات الإجابة، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند هطول الأمطار، وعند الشدة والضيق، فإن الدعاء في هذه الأوقات مستجاب بإذن الله تعالى.

سابعًا: التداوي بالأسباب المباحة:

1. التداوي بالأسباب المباحة، وذلك بأن يستخدم المسلم الأدوية والعلاجات الطبية المباحة في الشريعة الإسلامية، وذلك لأن التداوي بالأسباب المباحة من الأمور المأمور بها شرعًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تداووا، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء”.

2. اختيار الطبيب المسلم الملتزم، وذلك بأن يتوجه المسلم إلى الطبيب المسلم الملتزم الذي يتق الله تعالى ويتحرى الحلال في عمله، فإن الطبيب المسلم الملتزم أحرص على سلامة المريض وأكثر حرصًا على علاجه بالطرق المباحة.

3. الجمع بين التداوي بالأسباب المباحة والاستشفاء بالقرآن الكريم، وذلك بأن يستخدم المسلم الأدوية والعلاجات الطبية المباحة في الشريعة الإسلامية، مع الاستشفاء بالقرآن الكريم، فإن الجمع بينهما من أعظم أسباب الشفاء بإذن الله تعالى.

الخاتمة

وفي الختام، فإن الاستشفاء بالقرآن الكريم من الأمور العظيمة التي لها أثر كبير في شفاء الأمراض النفسية والجسدية، وقد ذكر الإمام الزركشي في كتابه “البرهان في علوم القرآن” أن الاستشفاء بالقرآن الكريم لن ينتفع به إلا من توفرت فيه مجموعة من الشروط والأحوال، وقد استعرضنا هذه الشروط والأحوال في هذا المقال بالتفصيل، نسأل الله تعالى أن ينفعنا بالقرآن الكريم وأن يجعله شفاء لما في صدورنا من أمراض، وأن يعافينا من كل مكروه، آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *