فوضت امري الى الله

فوضت امري الى الله

**المقدمة:**

فوضت أمري إلى الله عبارةٌ تُقال عند إحالة الأمر إلى الله تعالى وترك التدبير له، وهذا يدل على مدى التوكل على الله والرضا بقضائه، فالتوكل هو الركن الثالث من أركان الإيمان، وهو تفويض العبد لأمره إلى الله وحده تعالى، وإحالة تدبيره إليه، مع بذل الأسباب الممكنة، قال أبو حامد الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين”: “هو تفويض العبد أمره إلى الله مع بذل الأسباب”.

**1. معنى فوضت أمري إلى الله:**

* فوضت أمري إلى الله تعني تسليم العبد لأمره إلى الله تعالى، وترك التدبير له، مع اليقين بأن الله خير المدبرين، وأنه لن يخيّب ظن عباده المتوكلين عليه.

* فوضت أمري إلى الله هي أعلى درجات التوكل على الله، وهي مقام الأحرار الذين أخلصوا لله تعالى، وقطعوا تعلقهم بالأسباب، وألقوا بأنفسهم في بحر رحمته تعالى.

* فوضت أمري إلى الله هي مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة، فمن فوض أمره لله تعالى، وألقى ثقله عليه، فإن الله يكفيه أمره، ويسخر له الأسباب، ويوصله إلى ما فيه خيره في الدنيا والآخرة.

**2. فضل فوضت أمري إلى الله:**

* فوضت أمري إلى الله من أعظم العبادات، وأحب الأعمال إلى الله تعالى، وقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على التوكل على الله في كثير من الأحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: “من توكل على الله كفاه”.

* فوضت أمري إلى الله سبب لدفع الهموم والغموم عن العبد، فمن فوض أمره إلى الله، وأسلم أمره إليه، فإن الله يكفيه همه، وييسر أمره.

* فوضت أمري إلى الله سبب لجلب الرزق، فمن توكل على الله، وأخلص له، فإن الله يرزقه من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.

**3. شروط فوضت أمري إلى الله:**

* الإخلاص لله تعالى، فمن أراد أن يتوكل على الله حقًا، فعليه أن يخلص له تعالى في عبادته، ويقطع تعلقه بالأسباب، ويعلق قلبه بالله وحده.

* اليقين بأن الله خير المدبرين، فمن توكل على الله، فعليه أن يكون موقنًا بأن الله خير المدبرين، وأنه لن يخيّب ظن عباده المتوكلين عليه.

* بذل الأسباب الممكنة، فالتوكل على الله لا يعني ترك العمل والجهد، بل على العبد أن يبذل الأسباب الممكنة، ثم يفوض أمره إلى الله تعالى.

**4. مظاهر فوضت أمري إلى الله:**

* الرضا بقضاء الله تعالى، فمن توكل على الله، فعليه أن يكون راضيًا بقضائه، سواء كان في ذلك الخير أو الشر، فالله تعالى هو الحكيم العليم، وهو الذي يعلم ما فيه خير عباده.

* الصبر على ابتلاءات الدنيا، فمن توكل على الله، فعليه أن يكون صابرًا على ابتلاءات الدنيا، ومصائبها، فالصبر من لوازم التوكل على الله.

* حسن الظن بالله تعالى، فمن توكل على الله، فعليه أن يحسن الظن به تعالى، ويوقن بأنه لن يخيّب ظنه أبدًا.

**5. فوضت أمري إلى الله في القرآن الكريم:**

ورد ذكر التوكل على الله في القرآن الكريم في كثير من الآيات، منها:

* قال الله تعالى: “وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

* قال الله تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.

* قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ”.

**6. فوضت أمري إلى الله في السنة النبوية:**

حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على التوكل على الله في كثير من الأحاديث، منها:

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من توكل على الله كفاه”.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليعطي العبد على قدر همته”.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن لم يقتل”.

**7. قصص عن فوضت أمري إلى الله:**

* قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما ألقي في النار، فتوكل على الله، وألقى بنفسه في النار، فحماه الله تعالى، وأنجاه من النار.

* قصة سيدنا موسى عليه السلام، عندما فر من فرعون وجنوده، فتوكل على الله، وقطع البحر، وأغرق الله فرعون وجنوده.

* قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر من مكة إلى المدينة، فتوكل على الله، وسلك طريقًا صعبًا، وأنجاه الله تعالى من كيد المشركين.

**الخاتمة:**

فوضت أمري إلى الله هي من أهم العبادات، وأحب الأعمال إلى الله تعالى، وهي سبب لدفع الهموم والغموم عن العبد، وجلب الرزق له، وتيسير أموره، فمن أراد أن يسعد في الدنيا والآخرة، فعليه أن يتوكل على الله، ويفوض أمره إليه، ويحسن الظن به تعالى.

أضف تعليق