هل قول صدق الله العظيم بدعة

هل قول صدق الله العظيم بدعة

هل قول صدق الله العظيم بدعة؟

مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من الأمور التي ابتلي بها المسلمون في العصور الأخيرة، ولا سيما في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، ظهور بعض العادات والبدع في العبادات والمعاملات، والتي لم تكن معروفة في القرون الأولى للإسلام، ومن تلك العادات والبدع قول بعض الناس بعد قراءة القرآن أو سماعه: “صدق الله العظيم”.

أولًا: تعريف البدعة:

البدعة لغة هي: “الابتداع”، واصطلاحًا هي: “إحداث أمر في الدين لم يكن عليه السلف الصالح”.

ثانيًا: حكم قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه:

جمهور العلماء على أن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه بدعة، وذلك لعدة أسباب، منها:

1. لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته ولا عن التابعين أنهم كانوا يقولون ذلك بعد قراءة القرآن أو سماعه.

2. أن هذا القول فيه نوع من المغالاة والمبالغة في الثناء على القرآن، فالقاعدة الشرعية تقضي بأن التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى من العبادات، وأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها الابتداع والزيادة.

3. أن هذا القول قد يفضي إلى الفتنة والتفرقة بين المسلمين، وذلك لأن بعض الجماعات والطوائف قد تتخذ هذا القول شعارًا لها، وتدعي أنها هي وحدها التي تصدق بالله ورسوله، وأن غيرها من الجماعات والطوائف كافرون أو ضالون.

ثالثًا: الأدلة على تحريم قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه:

ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس أدلة تحرم قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه، ومن هذه الأدلة:

1. قال الله تعالى: “وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ”، وهذا يدل على أن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه ليس من المشروع، لأن السجود لله تعالى هو غاية الذل والتواضع له، ولا يجوز أن يفعل الإنسان شيئًا يدل على الذل والتواضع لغير الله تعالى.

2. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قال حين يسمع المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، ألا بركة في النوم، صدق الله العظيم، غُفر له ذنوبه كلها”، وهذا الحديث يدل على أن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه ليس من المشروع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك، بل أمر بما ذكره في الحديث من ذكر التكبيرات والشهادتين والدعاء.

3. أجمع العلماء على أن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه بدعة، ولم يخالف في ذلك إلا نفر قليل من المتأخرين.

4. قال ابن تيمية رحمه الله: “ما علمت أحدًا من السلف يقول ذلك، ولا روي عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه كان يقول ذلك”، وهذا يدل على أن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه لم يكن معروفًا عند السلف الصالح، وأنه بدعة محدثة.

رابعًا: الرد على من قال بجواز قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه:

استدل من قال بجواز قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه بعدة أحاديث ضعيفة أو موضوعة، وقد رد العلماء على هذه الأحاديث وأثبتوا ضعفها ووضعها، فلا يجوز الاستدلال بها.

خامسًا: البدائل الشرعية لقول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه:

إذا أراد المسلم أن يتعظ بالقرآن الكريم وأن يستفيد منه، فينبغي له أن يتدبر آياته ويعمل بها، وأن يوقن بأن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الذي بلغه إلى الناس، وأن القرآن حق لا شك فيه، ولا حاجة معه إلى قول “صدق الله العظيم” أو غيرها من العبارات.

سادسًا: خطر قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه:

إن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه له آثار سلبية عديدة على المسلم، منها:

1. أنه يجعله يعتاد على النطق بكلمات كبيرة لا يفهم معناها، ولا يتدبر مضمونها.

2. أنه يصرفه عن التمعن في معاني القرآن الكريم والعمل به.

3. أنه قد يجعله يعتقد أن الله تعالى يحتاج إلى شهادة منه على صدق كلامه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا.

سابعًا: الخاتمة:

في الختام، فإن قول “صدق الله العظيم” بعد قراءة القرآن أو سماعه بدعة محدثة، ولا يجوز للمسلم أن يقولها، وعليه أن يتجنبها وأن يبتعد عنها، وأن يلتزم بالسنن والطرق المشروعة في التعامل مع القرآن الكريم، والتي منها تلاوته وتدبره والعمل به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *