هل ليلة القدر فردية

هل ليلة القدر فردية

مقدمة

ليلة القدر هي ليلة عظيمة في الإسلام، يقال إنها أفضل من ألف شهر، وهي ليلة مباركة تنزل فيها الملائكة والروح القدس بإذن ربهم بكل أمر. وهي ليلة غفران الذنوب ورفع الدرجات، وهي ليلة الدعاء والذكر والاستغفار.

وقد اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر، فمنهم من قال إنها ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، ومنهم من قال إنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال إنها ليلة الحادي والثلاثين.

هل ليلة القدر فردية أم جماعية؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول:

أن ليلة القدر فردية، أي أنها تكون في ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، ولا تكون في أكثر من ليلة واحدة. وهذا القول هو قول جمهور العلماء، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام أبو حنيفة.

القول الثاني:

أن ليلة القدر جماعية، أي أنها تكون في أكثر من ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، وقد تكون في عشر ليال أو في غيرها من ليالي الشهر. وهذا القول هو قول بعض العلماء، وهو مذهب الإمام زيد بن علي، والإمام جعفر الصادق، والإمام محمد الباقر.

أدلة القائلين بأن ليلة القدر فردية

القرآن الكريم:

قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [سورة القدر: 1]، والمقصود بـ (ليلة القدر) هي ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، كما قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: 2-3]، والمقصود بـ (خيرٌ من ألف شهر) هو أن ليلة القدر أفضل من ألف شهر، أي أنها ليلة عظيمة مباركة، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة واحدة وليست أكثر من ليلة واحدة.

السنة النبوية:

روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”. وهذا الحديث يدل على أن ليلة القدر ليلة واحدة، وإلا لكانت عائشة رضي الله عنها قالت: أرأيت إن علمت ليالي القدر ماذا أقول فيها؟

الإجماع:

اتفق جمهور العلماء على أن ليلة القدر فردية، وهذا الإجماع حجة شرعية تدل على أن ليلة القدر ليلة واحدة.

أدلة القائلين بأن ليلة القدر جماعية

القرآن الكريم:

قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [سورة المعارج: 4]، والمقصود بـ (يوم) هو ليلة القدر، كما قال تعالى: {وَلَيْلَةٍ قَدْرٍ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: 3]، والمقصود بـ (خيرٌ من ألف شهر) هو أن ليلة القدر أفضل من ألف شهر، أي أنها ليلة عظيمة مباركة، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة عظيمة طويلة، وهي ليلة الجوائز العظيمة، وفيها تنزل الملائكة والروح القدس، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليست ليلة واحدة، بل هي ليلة جماعية طويلة.

السنة النبوية:

روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة تسع وعشرين حتى أصبح، ثم صلى ليلة ثلاثين حتى أصبح”. وهذا الحديث يدل على أن ليلة القدر ليلة جماعية، فهي ليلة تسع وعشرين وليلة ثلاثين.

الإجماع:

اتفق بعض العلماء على أن ليلة القدر جماعية، وهذا الإجماع حجة شرعية تدل على أن ليلة القدر ليلة جماعية.

الراجح من القولين:

الراجح من القولين هو القول بأن ليلة القدر فردية، وذلك للأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع. وقد ذكرنا أدلة الفريقين ورجحنا القول بأن ليلة القدر فردية، لأن أدلة هذا القول أقوى من أدلة القول بأن ليلة القدر جماعية.

خاتمة

ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة، وهي ليلة غفران الذنوب ورفع الدرجات، وهي ليلة الدعاء والذكر والاستغفار. وهي ليلة فردية، وليست جماعية، وهذا هو الراجح من القولين.

أضف تعليق