هل يجوز الدعاء على الاب الظالم

هل يجوز الدعاء على الاب الظالم

هل يجوز الدعاء على الأب الظالم؟

مقدمة

الدعاء على الأب الظالم من المسائل الفقهية التي اختلف فيها الفقهاء، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. وفي هذا المقال، سنناقش حكم الدعاء على الأب الظالم من خلال عرض أدلة الفريقين والترجيح بينهما، مع الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة.

أدلة الفريق الأول (المبيحين للدُعاء)

يذهب الفريق الأول من الفقهاء إلى جواز الدعاء على الأب الظالم، مستندين إلى عدة أدلة، منها ما يلي:

1. قوله تعالى في سورة الشورى: {وَالَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ الرُّشْدُ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، ويستدلون بأن هذه الآية تدل على أن الله تعالى يسمع دعاء المظلوم على ظالمه، وأن الظلم من الكبائر التي تستوجب العقوبة.

2. قصة دعاء زكريا على قومه: ذكر الله تعالى في سورة آل عمران قصة دعاء زكريا على قومه الظالمين، حيث قال: {رَبِّ انْتَسِرْ لِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، ويستدل الفقهاء بهذه القصة على جواز الدعاء على الظالمين، بما في ذلك الآباء.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث دعوات لا ترد: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده”، ويستدل الفقهاء بهذا الحديث على أن دعوة المظلوم مستجابة عند الله تعالى، وأن دعوة الأب لولده من دعوات المظلومين.

أدلة الفريق الثاني (المانعين للدُعاء)

بالمقابل، يرى الفريق الثاني من الفقهاء عدم جواز الدعاء على الأب الظالم، مستندين إلى عدة أدلة، منها ما يلي:

1. قوله تعالى في سورة فصلت: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، ويستدلون بأن هذه الآية تدل على وجوب رد الإساءة بالإحسان، وأن الدعاء على الأب الظالم هو من الإساءة إليه.

2. قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَقُلْ لِوَالِدَيْكَ قَوْلاً كَرِيمًا}، ويستدلون بأن هذه الآية تدل على وجوب الإحسان إلى الوالدين، وأن الدعاء عليهم من الإساءة إليهم.

3. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، كي لا توافقوا ساعة استجابة فيستجاب لكم”، ويستدل الفقهاء بهذا الحديث على عدم جواز الدعاء على النفس أو الأولاد أو الأموال.

الترجيح بين الفريقين

بعد عرض أدلة الفريقين، نرى أن الترجيح بينهما يكون للأدلة التي تدل على جواز الدعاء على الأب الظالم، وذلك لأن هذه الأدلة أكثر وضوحًا وصراحةً، في حين أن الأدلة التي تدل على عدم جواز الدعاء على الأب الظالم تحتمل التأويل. ومع ذلك، فإن جواز الدعاء على الأب الظالم لا يعني وجوبه، بل إن الأولى للمظلوم أن يدعو له بالهداية والغفران.

كيفية الدعاء على الأب الظالم

إذا قرر المظلوم الدعاء على أبيه الظالم، فعليه أن يراعي الآداب والأحكام الشرعية في الدعاء، ومنها ما يلي:

– أن يكون الدعاء سراً، فلا يجوز الجهر به.

– أن يكون الدعاء خالياً من أي شتم أو سب أو لعنة.

– أن يكون الدعاء موجهًا إلى الله وحده، ولا يدعو مع الله أحدًا.

– أن يكون الدعاء مستجابًا، وذلك بالإخلاص والتقوى واليقين في الإجابة.

آثار الدعاء على الأب الظالم

الدعاء على الأب الظالم له آثار عديدة، منها ما يلي:

– الشعور بالراحة النفسية للمظلوم، والتخفيف عن نفسه.

– رفع الظلم عن المظلوم، وإيقاع العقوبة على الظالم.

– إصلاح حال الظالم، وهدايته إلى طريق الحق.

الخلاصة

يجوز الدعاء على الأب الظالم، مستندين إلى أدلة الفريق الأول (المبيحين للدُعاء)، وذلك عند حدوث الظلم، ويكون الدعاء سراً خاليًا من اللعن أو الشتم، مع مراعاة آداب الدعاء الشرعية.

أضف تعليق