الافتتاحية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد،
فالسجود هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وقد شرعه الله تعالى لعباده المسلمين في جميع أحوالهم، إلا أن هناك بعض الحالات التي يمنع فيها السجود، ومنها حالة الحيض. فهل يجوز للمرأة الحائض أن تسجد؟ هذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذا المقال.
الفرع الأول: تعريف الحيض
الفقرة الأولى:
– الحيض هو نزول دم من الرحم في غير وقت الولادة، وهو علامة على خروج البويضة من المبيض وعدم إخصابها بالحيوان المنوي.
– تبدأ فترة الحيض عادةً بين سن 12 و15 عامًا، وتستمر حتى سن اليأس الذي يحدث عادةً بين سن 45 و55 عامًا.
– تختلف مدة الحيض من امرأة إلى أخرى، ولكنها تتراوح عادةً بين يومين وسبعة أيام.
الفقرة الثانية:
– الحيض من علامات الأنوثة، وهو دليل على قدرة المرأة على الإنجاب.
– يحرم على المرأة الحائض الصلاة والصيام والحج والعمرة، كما يحرم عليها دخول المسجد أو قراءة القرآن الكريم أو مس المصحف الشريف.
– تنتهي فترة الحيض باغتسال المرأة وتطهيرها، وبعد ذلك تعود إلى أداء العبادات التي كانت ممنوعة عنها خلال فترة الحيض.
الفرع الثاني: حكم السجود للمرأة الحائض
الفقرة الأولى:
– ورد في السنة النبوية أن السجود لا يجوز للمرأة الحائض، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا حاضت المرأة فلا تصم ولا تصلي ولا تطوف بالبيت حتى تطهر”.
– وقد أوضح الفقهاء أن السجود هو من أركان الصلاة، ولذلك فإن المرأة الحائض لا يجوز لها السجود لأنها ممنوعة من الصلاة.
– ومن الحكمة في تحريم السجود للمرأة الحائض أنها تكون في هذه الحالة غير طاهرة، وقد يؤدي السجود إلى تلويث المصلى أو المسجد.
الفقرة الثانية:
– يرى بعض الفقهاء أن المرأة الحائض يجوز لها السجود على شيء حائل بينها وبين الأرض، مثل قطعة من القماش أو الجلد.
– واستدل هؤلاء الفقهاء على ذلك بحديث رواه أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حائض فأجلس له ثوبا يصلي عليه”.
– ومع ذلك، فإن جمهور الفقهاء يرى أن المرأة الحائض لا يجوز لها السجود على أي حال، سواء كان هناك حائل بينها وبين الأرض أم لا.
الفقرة الثالثة:
– إذا كانت المرأة الحائض مضطرة للسجود، مثل أن تكون في صلاة الجنازة أو صلاة الاستسقاء، فإنها تسجد على ظهر قدميها، ولا تسجد على جبهتها.
– وقد ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا سجدت فاسجد على سبع: جبهتك، وأنفيك، ويديك، وركبتيك، وأطراف أصابع رجليك”.
– ولذلك فإن المرأة الحائض إذا كانت مضطرة للسجود، فإنها تسجد على ظهر قدميها بدلًا من جبهتها، حتى لا تلوث المصلى أو المسجد.
الفرع الثالث: حكم سجود السهو للمرأة الحائض
الفقرة الأولى:
– سجود السهو هو سجود يقوم به المسلم ليتدارك نقصًا أو زيادة وقعت في صلاته.
– وقد ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد سجدتي السهو بعد السلام من الصلاة إذا ترك ركنًا من أركان الصلاة أو زاد فيها.
– ويرى الفقهاء أن المرأة الحائض لا يجوز لها سجود السهو، لأنها ممنوعة من الصلاة، وبالتالي فإنها ممنوعة من سجود السهو أيضًا.
الفقرة الثانية:
– إذا نسيت المرأة الحائض سجود السهو قبل أن تسلم من الصلاة، فإنها تسجد سجدتي السهو بعد أن تتطهر وتغتسل من الحيض.
– وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة وهو جالس، فذكر أنه ترك منها شيئًا، قام فأتمه، ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس”.
– ولذلك فإن المرأة الحائض إذا نسيت سجود السهو قبل أن تسلم من الصلاة، فإنها تسجد سجدتي السهو بعد أن تتطهر وتغتسل من الحيض.
الفقرة الثالثة:
– أما إذا تذكرت المرأة الحائض سجود السهو بعد أن سلمت من الصلاة، فإنها لا تسجد سجدتي السهو، لأنها قد خرجت من الصلاة.
– وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث رواه الإمام مالك عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: “سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السهو في الصلاة، فقال: إذا لم يذكره حتى ينصرف عن يمينه وعن شماله، فليس عليه سهو”.
– ولذلك فإن المرأة الحائض إذا تذكرت سجود السهو بعد أن سلمت من الصلاة، فإنها لا تسجد سجدتي السهو، لأنها قد خرجت من الصلاة.
الفرع الرابع: حكم السجود للتلاوة للمرأة الحائض
الفقرة الأولى:
– السجود للتلاوة هو سجود يقوم به المسلم عند قراءته لآيات السجدة في القرآن الكريم.
– وقد ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد عند قراءته لآيات السجدة في القرآن الكريم.
– ويرى الفقهاء أن المرأة الحائض لا يجوز لها السجود للتلاوة، لأنها ممنوعة من قراءة القرآن الكريم.
الفقرة الثانية:
– إذا قرأت المرأة الحائض آيات السجدة في القرآن الكريم، فإنها لا تسجد، بل تقول: سبحان ربي الأعلى.
– وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية فيها سجدة سجد، ومن كان معه سجدوا، وإذا قرأها وهو وحده قال: سبحان ربي الأعلى”.
– ولذلك فإن المرأة الحائض إذا قرأت آيات السجدة في القرآن الكريم، فإنها لا تسجد، بل تقول: سبحان ربي الأعلى.
الفقرة الثالثة:
– أما إذا نسيت المرأة الحائض أنها حائض وقرأت آيات السجدة في القرآن الكريم وسجدت، فإن سجودها يعتبر صحيحًا، لأنها كانت جاهلة بحكم تحريم السجود عليها.
– وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حائض فأجلس له ثوبا يصلي عليه”.
– ولذلك فإن المرأة الحائض إذا نسيت أنها حائض وقرأت آيات السجدة في القرآن الكريم وسجدت، فإن سجودها يعتبر صحيحًا، لأنها كانت جاهلة بحكم تحريم السجود عليها.
الفرع الخامس: حكم سجود الشكر للمرأة الحائض
الفقرة الأولى:
– سجود الشكر هو سجود يقوم به المسلم لله تعالى شك