مقدمة:
في خضم الحياة اليومية المليئة بالنشاطات والمتطلبات، قد تطرأ علينا أسئلة فقهية ودينية حول أدق التفاصيل في عباداتنا اليومية، ومن بين هذه الأسئلة الهامة: هل يجوز شرب الماء أثناء الأذان؟ للإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نستعرض الأدلة الشرعية المختلفة وآراء الفقهاء حول هذا الموضوع.
1. حكم شرب الماء أثناء الأذان في القرآن والسنة:
أولًا: الأدلة القرآنية:
– لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم يحرم شرب الماء أثناء الأذان.
– هناك آيات قرآنيّة عامة تحث على الاستماع للأذان وترك ما يشغل عنه، مثل قوله تعالى: “وَإِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ…” (الجمعة: 9).
ثانيًا: الأدلة النبوية:
– لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نهى عن شرب الماء أثناء الأذان.
– هناك بعض الأحاديث التي تحث على الإنصات للأذان والإجابة عليه، لكن لم تذكر هذه الأحاديث شيئًا عن شرب الماء أثناء الأذان.
2. آراء الفقهاء حول شرب الماء أثناء الأذان:
أولًا: مذهب الحنفية:
– يرى فقهاء المذهب الحنفي أنه يجوز شرب الماء أثناء الأذان إذا لم يكن ذلك سببًا في تفويت جزء من الأذان.
– يرون أن الإنصات للأذان والإجابة عليه مستحب وليس واجبًا، وبالتالي لا حرج في شرب الماء أثناء الأذان إذا لم يكن ذلك سببًا في ترك الاستماع إليه.
ثانيًا: مذهب المالكية:
– يرى فقهاء المذهب المالكي أنه يكره شرب الماء أثناء الأذان، لكنهم لا يعتبرونه محرمًا.
– يرون أن الإنصات للأذان والإجابة عليه واجب، وبالتالي فإن شرب الماء أثناء الأذان قد يؤدي إلى تفويت جزء من الأذان وترك الاستماع إليه.
ثالثًا: مذهب الشافعية:
– يرى فقهاء المذهب الشافعي أنه لا يجوز شرب الماء أثناء الأذان.
– يرون أن الإنصات للأذان والإجابة عليه واجب، وبالتالي فإن شرب الماء أثناء الأذان قد يؤدي إلى تفويت جزء من الأذان وترك الاستماع إليه.
3. حكم شرب الماء أثناء الأذان في الحالات المختلفة:
أولًا: إذا كان الشخص عطشانًا جدًا:
– يرى معظم الفقهاء أنه يجوز شرب الماء أثناء الأذان إذا كان الشخص عطشانًا جدًا ولا يمكنه تأخير شرب الماء حتى انتهاء الأذان.
– يرون أن حفظ النفس مقدم على الإنصات للأذان، وبالتالي فإن شرب الماء في هذه الحالة ضروري ولا حرج فيه.
ثانيًا: إذا كان الشخص غير عطشان:
– يرى معظم الفقهاء أنه لا يجوز شرب الماء أثناء الأذان إذا كان الشخص غير عطشان، لأن ذلك يعد تركًا للاستماع للأذان والإجابة عليه.
– يرون أن الإنصات للأذان والإجابة عليه واجب، وبالتالي فإن شرب الماء في هذه الحالة غير ضروري ويعد تركًا للواجب.
ثالثًا: إذا كان الشخص في الصلاة:
– يرى معظم الفقهاء أنه لا يجوز شرب الماء أثناء الأذان إذا كان الشخص في الصلاة، لأن ذلك يعد قطعًا للصلاة.
– يرون أن الصلاة عبادة يجب التركيز فيها والإخلاص لها، وبالتالي فإن شرب الماء أثناء الصلاة يعد قطعًا للصلاة وإبطالًا لها.
4. الأدب عند سماع الأذان:
أولًا: الإنصات للأذان:
– يستحب الإنصات للأذان والتوجه نحو القبلة عند سماعه.
– ينبغي الإنصات للأذان حتى ينتهي تمامًا، وعدم مقاطعته بأي كلام أو فعل.
ثانيًا: الإجابة على الأذان:
– يستحب الإجابة على الأذان عقب الانتهاء منه، وذلك بقول: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
– ينبغي الإجابة على الأذان بصوت مسموع وواضح، حتى يسمعها من حولك.
ثالثًا: الدعاء بعد الأذان:
– يستحب الدعاء بعد الأذان، وذلك بالدعاء بما شئت من خير الدنيا والآخرة.
– ينبغي الدعاء بعد الأذان بثقة وإخلاص، والإيمان بأن الله تعالى سيستجيب لدعائك.
5. حكم شرب الماء بعد الأذان:
أولًا: يجوز شرب الماء بعد الأذان، ولا حرج في ذلك.
– لا يوجد دليل شرعي يحرم شرب الماء بعد الأذان.
– يمكن شرب الماء بعد الأذان سواء كان الشخص عطشانًا أو غير عطشان.
ثانيًا: يستحب الدعاء بعد شرب الماء:
– يستحب الدعاء بعد شرب الماء، وذلك بالدعاء بما شئت من خير الدنيا والآخرة.
– ينبغي الدعاء بعد شرب الماء بثقة وإخلاص، والإيمان بأن الله تعالى سيستجيب لدعائك.
ثالثًا: آداب شرب الماء:
– ينبغي شرب الماء باليمين، وعدم شربه باليسار.
– ينبغي شرب الماء جالسًا، وعدم شربه واقفًا.
– ينبغي شرب الماء في ثلاثة أنفاس، وعدم شربه في نفس واحد.
6. حكم شرب الماء أثناء الأذان في حالة المرض:
أولًا: يجوز شرب الماء أثناء الأذان في حالة المرض إذا كان ذلك ضروريًا لعلاج المرض.
– لا حرج في شرب الماء أثناء الأذان إذا كان ذلك ضروريًا لحفظ النفس أو علاج المرض.
– يمكن للمريض شرب الماء أثناء الأذان إذا كان يعاني من عطش شديد أو إذا كان بحاجة إلى تناول الدواء.
ثانيًا: ينبغي للمريض أن يحاول تجنب شرب الماء أثناء الأذان إذا كان ذلك ممكنًا.
– إذا كان المريض قادرًا على تأخير شرب الماء حتى انتهاء الأذان، فينبغي له أن يفعل ذلك.
– يمكن للمريض شرب الماء قبل الأذان أو بعد انتهائه إذا كان قادرًا على ذلك.
ثالثًا: ينبغي للمريض أن يستغفر الله تعالى عن شربه الماء أثناء الأذان.
– إذا اضطر المريض إلى شرب الماء أثناء الأذان، فينبغي له أن يستغفر الله تعالى عن ذلك.
– يمكن للمريض أن يدعو الله تعالى أن يغفر له ذنبه وأن يشفيه من مرضه.
7. حكم شرب الماء أثناء الأذان في حالة السفر:
أولًا: يجوز شرب الماء أثناء الأذان في حالة السفر إذا كان ذلك ضروريًا للسفر.
– لا حرج في شرب الماء أثناء الأذان إذا كان ذلك ضروريًا للسفر أو لقطع المسافة.
– يمكن للمسافر شرب الماء أثناء الأذان إذا كان عطشانًا جدًا أو إذا كان بحاجة إلى تناول الدواء.
ثانيًا: ينبغي للمسافر أن يحاول تجنب شرب الماء أثناء الأذان إذا كان ذلك ممكنًا.
– إذا كان المسافر قادرًا على تأخير شرب الماء حتى انتهاء الأذان، فينبغي له أن يفعل ذلك.
– يمكن للمسافر شرب الماء قبل الأذان أو بعد انتهائه إذا كان قادرًا على ذلك.
ثالثًا: ينبغي للمسافر أن يستغفر الله تعالى عن شربه الماء أثناء الأذان.
– إذا اضطر المسافر إلى شرب الماء أثناء الأذان، فينبغي له أن يستغفر الله تعالى عن ذلك.
– يمكن للمسافر أن يدعو الله تعالى أن يغفر له ذنبه وأن ييسر له سفره.
الخاتمة:
وبناءً على ما سبق، يتضح أن حكم شرب الماء أثناء الأذان يختلف باختلاف الحالات والأحوال، فإذا كان الشخص عطشانًا جدًا أو مريضًا أو مسافرًا، فلا حرج في شرب الماء أثناء الأذان إذا كان ذلك ضروريًا، أما إذا كان الشخص غير عطشان ولا مريض ولا مسافر، فلا يجوز له شرب الماء أثناء الأذان؛ لأن ذلك يعد تركًا للاستماع للأذان والإجابة عليه. وينبغي للمسلم أن يحرص على الإنصات للأذان والإجابة عليه؛ لأن ذلك من شعائر الإسلام العظيمة، كما ينبغي له أن يستغفر الله تعالى إذا اضطر إلى شرب الماء أثناء الأذان.