هل يجوز طلب الرحمة للمسيحي

هل يجوز طلب الرحمة للمسيحي

**الرحمة في الإسلام**

الإسلام دين الرحمة، والرحمة سمة من سمات المؤمنين، وهي صفة من صفات الله تعالى، قال الله تعالى في كتابه العزيز: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ”، ولذلك أمر الله عباده بأن يتراحموا فيما بينهم، وأن يرحموا كل شخص يحتاج إلى الرحمة، بغض النظر عن دينه أو عقيدته.

**هل يجوز طلب الرحمة للمسيحي؟**

اختلف العلماء في حكم طلب الرحمة للمسيحي، فمنهم من قال إنه يجوز، ومنهم من قال إنه لا يجوز.

**الأدلة على جواز طلب الرحمة للمسيحي**

هناك العديد من الأدلة التي يستدل بها من يجيز طلب الرحمة للمسيحي، منها:

* أن الله تعالى قد أمرنا بأن نرحم كل من يحتاج إلى الرحمة، بغض النظر عن دينه أو عقيدته، قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”.

* أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا بالرحمة للمشركين، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي وهو يجود بنفسه، فوضع رأسه على فخذيه ثم قال: أب يا أبت. قالت: فقال له: يا بني أوصيك بكذا وكذا، فأسلم، فرفع رأسه عن فخذه، فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أسلم. قالت: فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، أرأيت أباك؟ قال: نعم، وجدت عنده خيرا، رحمه الله”.

* أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يطلبون الرحمة للمشركين، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “لما أصيب قتلى أحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضمن لي أن يقتل في سبيل الله فيضمن له الجنة؟ فقام ثلاثة نفر، فقال: من يضمن لي أن يقتل في سبيل الله ثلاث مرات فيضمن له الجنة؟ فقام ثلاثة نفر، فقال: من يضمن لي أن يقتل في سبيل الله سبع مرات فيضمن له الجنة؟ فقام ثلاثة نفر. فأصيبوا جميعا في سبيل الله، فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم في الجنة”.

**الأدلة على عدم جواز طلب الرحمة للمسيحي**

هناك أيضا العديد من الأدلة التي يستدل بها من لا يجيز طلب الرحمة للمسيحي، منها:

* أن الله تعالى قد نهى عن موالاة الكافرين، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا”.

* أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن من تولى الكافرين، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال”.

* أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقاتلون الكافرين، ولم يكونوا يطلبون لهم الرحمة.

**الترجيح بين الأدلة**

بعد عرض الأدلة من الجانبين، نرى أن الأدلة على جواز طلب الرحمة للمسيحي أقوى من الأدلة على عدم جواز ذلك. وذلك لأن الله تعالى قد أمرنا بأن نرحم كل من يحتاج إلى الرحمة، بغض النظر عن دينه أو عقيدته، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا بالرحمة للمشركين، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يطلبون الرحمة للمشركين.

**الخلاصة**

يجوز طلب الرحمة للمسيحي، وذلك لأن الله تعالى قد أمرنا بأن نرحم كل من يحتاج إلى الرحمة، بغض النظر عن دينه أو عقيدته، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا بالرحمة للمشركين، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يطلبون الرحمة للمشركين.

أضف تعليق