هل يجوز قراءة القرآن في الهاتف

هل يجوز قراءة القرآن في الهاتف

هل يجوز قراءة القرآن في الهاتف؟

مقدمة

يُعد القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وهو كلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويتضمن تعاليم الإسلام وأحكامه وشرائعه، وقد حث الإسلام على تلاوته وتدبره والعمل به، فهل يجوز قراءة القرآن في الهاتف؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال من خلال مناقشة الأدلة الشرعية والحجج المختلفة في هذا الشأن.

أولاً: الأدلة الشرعية على جواز قراءة القرآن في الهاتف

1. القرآن الكريم نعمة من الله تعالى: فكما يجوز قراءة القرآن الكريم وتدبره في المصحف الشريف، فإنه يجوز قراءته في الهاتف الذي هو أحد الوسائل الحديثة، فمادام أن الهاتف وسيلة مباحة ولا تحتوي على محرم شرعي، فلا بأس بقراءة القرآن فيه.

2. موافقة قراءة القرآن في الهاتف لروح العصر: فالعالم اليوم يعيش في عصر التكنولوجيا والاتصالات، حيث يستخدم الناس الهواتف الذكية في جميع جوانب حياتهم، بما في ذلك التعليم والعمل والترفيه والتواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن السماح بقراءة القرآن في الهاتف هو أمر يتوافق مع روح العصر ويلبي حاجة المسلمين إلى قراءة القرآن في أي وقت وأي مكان.

3. الضرورة: في بعض الأحيان قد لا يتوفر لدى المسلم مصحف شريف أو قد يكون في مكان لا يستطيع فيه حمل المصحف، وفي هذه الحالة يجوز له قراءة القرآن في الهاتف للضرورة، كما يجوز له ذلك إذا كان يعاني من ضعف في البصر ويصعب عليه قراءة المصحف المطبوع.

ثانيًا: الحجج التي تُعارض قراءة القرآن في الهاتف

1. تقليل من هيبة القرآن الكريم: يرى بعض العلماء أن قراءة القرآن في الهاتف قد تقلل من هيبته وقدسيته، حيث أن الهاتف يُستخدم عادةً في أمور دنيوية مثل التسلية والترفيه، وبالتالي فإن قراءة القرآن فيه قد تُفقد القرآن الكريم مكانته الخاصة.

2. انشغال القلب بأمور الدنيا: قد يؤدي استخدام الهاتف أثناء قراءة القرآن إلى تشتيت الانتباه والانشغال بأمور الدنيا، حيث أن الهاتف يحتوي على العديد من التطبيقات والإشعارات التي قد تلهي القارئ عن تدبر القرآن وتفهمه.

3. خطر إساءة استخدام الهاتف: يحذر بعض العلماء من إساءة استخدام الهاتف أثناء قراءة القرآن، حيث أن المستخدم قد يقوم بالضغط على الروابط أو الإعلانات التي تظهر على الشاشة، مما قد يؤدي إلى الخروج من تطبيق القرآن الكريم والتوجه إلى مواقع أخرى قد لا تكون مناسبة.

ثالثًا: آراء العلماء المعاصرين في مسألة قراءة القرآن في الهاتف

1. الرأي الأول: يرى بعض العلماء المعاصرين أنه يجوز قراءة القرآن في الهاتف، بشرط أن يتم ذلك بطريقة مهذبة واحترامية، وأن لا يتم استخدام الهاتف أثناء الصلاة أو في الأماكن التي لا تليق بقراءة القرآن الكريم.

2. الرأي الثاني: يرى رأي آخر أنه لا يجوز قراءة القرآن في الهاتف، لأن ذلك قد يؤدي إلى تشتيت الانتباه والانشغال بأمور الدنيا، كما أن الهاتف قد يُستخدم في أغراض غير مناسبة، وبالتالي فإن قراءة القرآن فيه قد تقلل من هيبته وقدسيته.

3. الرأي الثالث: يرى رأي ثالث أن المسألة اجتهادية، فمن رأى أن قراءة القرآن في الهاتف لا تقلل من هيبته ولا تؤدي إلى تشتيت الانتباه، فلا حرج عليه في ذلك، ومن رأى أنها قد تؤدي إلى ذلك، فعليه أن يمتنع عنها.

رابعًا: الضوابط الشرعية لقراءة القرآن في الهاتف

1. النية الخالصة: يجب أن تكون نية المسلم عند قراءة القرآن في الهاتف هي التقرب إلى الله تعالى وطلب الأجر والثواب، وأن لا تكون نيته مجرد التسلية أو اللهو.

2. الاحترام والخشوع: يجب على المسلم أن يقرأ القرآن في الهاتف باحترام وخشوع، وأن يتجنب كل ما قد يقلل من هيبته وقدسيته، مثل الضحك أو الحديث بصوت عالٍ أو الانشغال بأمور الدنيا.

3. تجنب الأماكن غير اللائقة: يجب على المسلم أن يتجنب قراءة القرآن في الهاتف في الأماكن غير اللائقة، مثل الحمام أو السوق أو الأماكن التي يكثر فيها الضوضاء والازدحام.

خامسًا: فوائد قراءة القرآن في الهاتف

1. تسهيل تلاوة القرآن: يمكن لقراءة القرآن في الهاتف أن تسهل على المسلمين تلاوة القرآن الكريم في أي وقت وأي مكان، حيث يمكنهم قراءته أثناء السفر أو الانتظار في الطابور أو الاستراحة من العمل.

2. الحفظ والتكرار: يساعد الهاتف الذكي على حفظ القرآن الكريم وتكراره، حيث يحتوي على العديد من التطبيقات والبرامج التي تساعد على حفظ القرآن وتكراره، مما يجعل عملية الحفظ أسهل وأكثر متعة.

3. التفسير والتدبر: يمكن لقراءة القرآن في الهاتف أن تساعد المسلمين على فهم وتدبر القرآن الكريم، حيث يحتوي الهاتف على العديد من التطبيقات والبرامج التي تقدم تفسيرات وتدابير مختلفة لآيات القرآن الكريم، مما يساعد القارئ على فهم معاني الآيات ودلالاتها.

سادسًا: شروط قراءة القرآن في الهاتف

1. أن يكون الهاتف نظيفًا: يجب على المسلم أن يتأكد من أن هاتفه نظيف قبل قراءة القرآن فيه، وأن لا يحتوي على أي شيء محرم أو غير لائق.

2. أن يكون الهاتف خاليًا من الإشعارات: يجب على المسلم أن يضع هاتفه على وضع الصامت أو عدم الإزعاج أثناء قراءة القرآن فيه، حتى لا تشتت انتباهه الإشعارات والمكالمات الواردة.

3. أن يكون الهاتف خاليًا من التطبيقات والألعاب: يجب على المسلم أن يتأكد من أن هاتفه خاليًا من التطبيقات والألعاب التي قد تلهيه عن قراءة القرآن الكريم.

سابعًا: الخاتمة

يجوز قراءة القرآن في الهاتف بشرط أن يتم ذلك بطريقة مهذبة واحترامية، وأن لا يتم استخدام الهاتف أثناء الصلاة أو في الأماكن التي لا تليق بقراءة القرآن الكريم. ويمكن لقراءة القرآن في الهاتف أن تكون وسيلة مفيدة لتسهيل تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتكراره وفهم معانيه وتدبرها، بشرط أن يتم ذلك وفقًا للضوابط الشرعية المذكورة أعلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *