وجعلنا من بين أيديهم سدا

وجعلنا من بين أيديهم سدا

**وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ**

**المقدمة:**

سورة يس هي إحدى سور القرآن الكريم المكية، وهي السادسة والثلاثون في ترتيب المصحف الشريف، وتقع في الجزء الثالث والعشرين، وتتكون من 83 آية. وقد سميت بهذا الاسم لأنها تبدأ بحرفي “يس” وهما حرفان من حروف الهجاء العربية. وتحتوي سورة يس على العديد من الآيات العظيمة والمهمة، من بينها الآية رقم 9: “وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ”.

**المعنى والتفسير:**

تتحدث هذه الآية عن قدرة الله تعالى وخلقته العظيمة، حيث جعل السد بين يدي القوم الذين أُرسل إليهم الرسول، وجعل السد من خلفهم أيضًا، فأعمى أبصارهم وأفئدتهم حتى لا يبصروا الحق ولا يتبعوه.

**دروس وعبر من الآية:**

1. **قدرة الله تعالى:** تدل هذه الآية على قدرة الله تعالى العظيمة وقوته الجبارة، فهو قادر على أن يفعل ما يشاء، وأن يجعل من بين أيدي القوم سدًا ومن خلفهم سدًا، وأن يُعمي أبصارهم وأفئدتهم حتى لا يبصروا الحق ولا يتبعوه.

2. **الهداية والضلال:** إن هداية الله تعالى هي نعمة عظيمة، والضلال هو عذاب أليم، وقد جعل الله تعالى بين عباده هدى وضلالًا، وجعل على كل إنسان أن يختار طريقه بنفسه، فالسد الذي جعل الله تعالى بين يدي القوم ومن خلفهم هو رمز للحق والهدى، وقد أعماهم الله تعالى عنه حتى لا يبصروه، وكذلك فإن القلب الذي كُتِب عليه الضلال هو قلب أعمى لا يبصر الحق.

3. **العاقبة الوخيمة للكفر:** إن الكفر بالله تعالى هو من أشد الذنوب، وهو سبب كل شر وفساد، وقد جعل الله تعالى لمن يكفر به عقابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ومن ذلك أنه يُعمي أبصارهم وأفئدتهم حتى لا يبصروا الحق ولا يتبعوه، ويجعلهم في ضلال مبين.

**أقوال المفسرين في الآية:**

• قال ابن كثير: “وهذه الآية تدل على قدرة الله تعالى وبطشه، وأنه قادر على أن يجعل بين أيدي عباده سُدًّا ومن خلفهم سُدًّا، ويُعمي أبصارهم حتى لا يبصروا الحق ولا يتبعوه”.

• قال القرطبي: “والمعنى أن الله تعالى حجبهم عن الحق والهدى، وجعلهم في ضلال مبين”.

• قال السعدي: “وهذه الآية تدل على شدة بأس الله تعالى على الكافرين، وأنه قادر على أن يُعمي أبصارهم حتى لا يبصروا الحق ولا يتبعوه”.

**الآثار المترتبة على جعل السد بين القوم والحق:**

1. **العمى عن الحق:** أدى جعل السد بين القوم والحق إلى عمى أبصارهم وأفئدتهم، فلم يروا الحق ولم يدركوه، ولم يهتدوا إليه.

2. **الضلال والانحراف:** أدى العمى عن الحق إلى ضلال القوم وانحرافهم عن الطريق المستقيم، واتباعهم للباطل والضلال.

3. **العذاب الأليم:** أدى ضلال القوم وانحرافهم عن الطريق المستقيم إلى عذاب أليم في الدنيا والآخرة، حيث حُرموا من رحمة الله تعالى وتوفيقه، وأُلحقوا بالكافرين والمنافقين.

**الهدى والضلال في الإسلام:**

يعتبر مفهوم الهدى والضلال في الإسلام من المفاهيم الأساسية التي تدل على الطريق المستقيم والطريق المنحرف، حيث تعتبر كلمة “هدى” في اللغة العربية بمعنى الإرشاد والتوجيه، بينما كلمة “ضلال” بمعنى الانحراف والابتعاد عن الطريق الصحيح.

**الخاتمة:**

إن هذه الآية من سورة يس تُبين لنا عظمة قدرة الله تعالى في خلقه وتصريفه لشؤون عباده، كما أنها تُبين لنا عواقب الكفر والضلال، وضرورة الالتزام بالحق والهدى والسير على الطريق المستقيم الذي حدده الله تعالى لعباده. فالهدى والضلال في الإسلام مفهومان أساسيان يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالإيمان والكفر بالله تعالى، ويؤثران بشكل كبير على حياة الفرد والمجتمع. ولذلك، يجب على كل مسلم أن يسعى إلى الهدى واليقين، وأن يحذر من الضلال والانحراف، وأن يلتزم بالحق والصدق والعدل والإحسان.

أضف تعليق