المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى جميع أنبيائه ورسله أجمعين، وبعد؛
فإن من أهم العبادات التي شرعها الله تعالى لعباده هي الدعاء، والدعاء هو الابتهال إلى الله تعالى وطلب حاجات المرء منه، وقد حثنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء، ووعدنا بالإجابة، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة”.
معنى اللهم تقبل منا أنك أنت السميع العليم
هي دعاء يتضرع به المسلم إلى الله تعالى ليقبل منه أعماله وعباداته، ويستجيب لدعائه، ويعلم ما في نفسه من حاجات وأماني، ويستطيع أن يحققها له بفضله وكرمه.
سبب قول الدعاء
يقول المسلم هذا الدعاء بعد الانتهاء من الصلاة، وذلك لأن الصلاة هي من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهي من الأعمال التي يتقبلها الله تعالى من عباده، وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فإنه قد سمح له في الدعاء، فأكثروا الدعاء، فإن العبد أقرب ما يكون إلى ربه وهو ساجد”، وفي حديث آخر قال: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”.
فضل الدعاء بالقبول من الله تعالى
لدعاء بالقبول من الله تعالى فضل عظيم، ومن ذلك:
– استجابة الدعاء: قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة”.
– زيادة الإيمان: قال الله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مفتاح الرحمة”.
– تفريج الكروب: قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ يُزَيِّنُ الْمُسْرِفُونَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل”.
– رفع الدرجات: قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء يرد القدر”.
آداب الدعاء
هناك مجموعة من الآداب التي يجب على المسلم مراعاتها عند الدعاء، منها:
– الإخلاص: أن يكون الدعاء لله تعالى وحده، لا شريك له.
– حضور القلب: أن يكون الداعي متضرعًا إلى الله تعالى، ومقبلًا عليه بقلبه وروحه.
– اليقين بالإجابة: أن يوقن الداعي أن الله تعالى سيستجيب دعاءه، ولا يقنط من رحمته.
– التضرع والخشوع: أن يدعو الداعي بتضرع وخشوع، وأن يكون صوته خافتًا.
– رفع اليدين: أن يرفع الداعي يديه إلى السماء عند الدعاء، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
– الدعاء بما فيه خير: أن يدعو الداعي بما فيه خير له ولغيره، وأن يتجنب الدعاء بما فيه شر أو ضرر.
أوقات استجابة الدعاء
هناك أوقات يستجاب فيها الدعاء، منها:
– وقت السحر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال: اللهم اغفر لي، فإنه يغفر له”.
– وقت الدعاء بين الأذان والإقامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة”.
– وقت نزول المطر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مستجاب عند نزول المطر”.
– وقت السجود: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”.
– وقت العسر والضراء: قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ}.
الدعاء بالقبول من الله تعالى من الأدعية المأثورة
يوجد العديد من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي يمكن للمسلم الدعاء بها بالقبول من الله تعالى، منها:
– اللهم تقبل منا أنك أنت السميع العليم.
– اللهم إني أسألك القبول منك، وأن تتقبل مني عملي.
– اللهم اقبل مني صلاتي وصيامي وذكري وتلاوتي وقراءتي وكل أعمالي الصالحة.
– اللهم اجعلني من المتقبلين المقبولين عندك.
– اللهم اجعل عملي خالصًا لوجهك الكريم، وتقبله مني بقبول حسن.
الخاتمة
الدعاء بالقبول من الله تعالى من أفضل الأدعية التي يمكن للمسلم الدعاء بها، وهو من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وللدعاء بالقبول فضل عظيم، منها استجابة الدعاء وزيادة الإيمان وتفريج الكروب ورفع الدرجات، وهناك مجموعة من الآداب التي يجب على المسلم مراعاتها عند الدعاء، منها الإخلاص وحضور القلب واليقين بالإجابة والتضرع والخشوع ورفع اليدين والدعاء بما فيه خير، وهناك أوقات يستجاب فيها الدعاء، منها وقت السحر ووقت الدعاء بين الأذان والإقامة ووقت نزول المطر ووقت السجود ووقت العسر والضراء.