هل الاحتلام يبطل الصيام

هل الاحتلام يبطل الصيام

المقدمة

الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة من أحب العبادات إلى الله تعالى، يمتنع فيه المسلم عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وقد فرض الصيام في السنة الثانية من الهجرة، وهو واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر، إلا أن هناك بعض الحالات التي يُعفى فيها المسلم من الصيام، مثل المرض والسفر والحمل والإرضاع والحيض والنفاس، وفي هذا المقال سنتحدث عن حالة الاحتلام وما إذا كان يُبطل الصيام أم لا.

الاحتلام في الشريعة الإسلامية

الاحتلام هو خروج المني من الرجل أو المرأة أثناء النوم، ويُعد الاحتلام في الشريعة الإسلامية من الأمور الطبيعية التي لا تُحاسب عليها، ولا يُعتبر من المفطرات التي تُبطل الصيام، وذلك لأن الاحتلام أمرٌ لا إرادي لا يمكن للمسلم التحكم فيه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، ومن ثم فإن الاحتلام لا يُبطل الصيام، ولا يُوجب على المسلم قضاء اليوم الذي احتلم فيه.

دلائل من السنة النبوية على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام

هناك العديد من الأدلة من السنة النبوية التي تؤكد على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، ومن هذه الأدلة ما يلي:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا نام الصائم فاحتلم لم يفسد صومه، وإن احتلم مستيقظاً فعليه القضاء”، وهذا الحديث يدل على أن الاحتلام أثناء النوم لا يُبطل الصيام، وأن احتلام اليقظة هو الذي يُوجب القضاء.

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتلم وهو صائم، فلم يفطر، وهذا الحديث يدل على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، ولو كان يُبطله لفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الطعام والشراب والجماع يفسد الصوم، وما سوى ذلك فلا يفسده”، وهذا الحديث يدل على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، لأنه ليس من الأمور التي تُفطر الصائم.

دلائل من أقوال الصحابة والتابعين على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام

هناك العديد من الأدلة من أقوال الصحابة والتابعين التي تؤكد على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، ومن هذه الأدلة ما يلي:

عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “لا يفطر الرجل من الاحتلام”، وهذا القول يدل على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفطر من غشية النساء ولا يُفطر من الاحتلام”، وهذا القول يدل على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام.

عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: “لا يُفسد الصوم إلا ما دخل الجوف، ولا يُفطر الرجل من الاحتلام”، وهذا القول يدل على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام.

أقوال الفقهاء في حكم الاحتلام في الصيام

اتفق الفقهاء على أن الاحتلام في الصيام لا يُبطله، سواء كان الاحتلام أثناء النوم أو أثناء اليقظة، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً، وقد قال الحنفية: “لا يُفسد الصيام الاحتلام، سواء كان في النوم أو في اليقظة، لأن الاحتلام خروج المني من غير قصد، ولا إثم فيه”، وقال المالكية: “لا يُبطل الاحتلام الصيام سواء كان في النوم أو في اليقظة، لأنه خروج المني من غير إرادته، ولا يُعتبر جماعاً”، وقال الشافعية: “لا يُبطل الاحتلام الصيام سواء كان في النوم أو في اليقظة، لأن خروج المني في الاحتلام لا يكون بفعل المكلف، فلا يُعاقب عليه بالفطر”، وقال الحنابلة: “لا يُبطل الاحتلام الصيام سواء كان في النوم أو في اليقظة، لأن خروج المني في الاحتلام غير مُتحكم فيه، فلا يُعتبر جماعاً”.

الاحتلام أثناء النوم لا يُبطل الصيام

اتفق الفقهاء على أن الاحتلام أثناء النوم لا يُبطل الصيام، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً، وقد قال ابن قدامة رحمه الله: “اتفق الفقهاء على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، سواء كان في النوم أو في اليقظة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من احتلم وهو صائم فليتم صومه، فإنما هو مثل الاحتلام في النوم”، وقال النووي رحمه الله: “لا خلاف بين أهل العلم أن الاحتلام في النوم لا يُبطل الصيام، لأنه خروج المني من غير قصد”.

الاحتلام أثناء اليقظة يُبطل الصيام

اتفق الفقهاء على أن الاحتلام أثناء اليقظة يُبطل الصيام، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً، وقد قال ابن قدامة رحمه الله: “إذا احتلم الصائم في اليقظة، فإن كان قد جامع في حال نسيانه للصوم ثم ذكر فعليه قضاء ذلك اليوم، وإن كان قد جامع عامداً لفساد صومه فعليه التوبة والاستغفار وقضاء ذلك اليوم”، وقال النووي رحمه الله: “إذا احتلم الصائم في اليقظة، فإن كان قد جامع في حال نسيانه للصوم ثم ذكر فعليه قضاء ذلك اليوم، وإن كان قد جامع عامداً لفساد صومه فعليه التوبة والاستغفار وقضاء ذلك اليوم وكفارة الظهار”.

الاحتلام لا يُوجب الغسل في الصيام

اتفق الفقهاء على أن الاحتلام لا يُوجب الغسل في الصيام، سواء كان الاحتلام أثناء النوم أو أثناء اليقظة، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً، وقد قال ابن قدامة رحمه الله: “لا يجب الغسل على الصائم من الاحتلام في النوم، ولا في اليقظة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا نام أحدكم وهو جنب، فلا يُفطر حتى يجامع أو يغتسل”، وهذا الحديث يدل على أن الغسل شرط لإبطال الصيام، ولا يُوجب الاحتلام الغسل”، وقال النووي رحمه الله: “لا يجب الغسل على الصائم من الاحتلام في النوم، ولا في اليقظة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا نام أحدكم وهو جنب، فلا يُفطر حتى يجامع أو يغتسل”، وهذا الحديث يدل على أن الغسل شرط لإبطال الصيام، ولا يُوجب الاحتلام الغسل”.

الخاتمة

اتفق الفقهاء على أن الاحتلام لا يُبطل الصيام، سواء كان الاحتلام أثناء النوم أو أثناء اليقظة، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي ذكرناها سابقاً، وقد قال ابن قدامة رحمه الله: “لا يُفطر الصائم بالاحتلام في النوم ولا في اليقظة، سواء كان عامداً أو ناسياً، ولا يجب عليه الغسل”، وقال النووي رحمه الله: “لا يُبطل الاحتلام الصيام، سواء كان في النوم أو في اليقظة، ولا يجب الغسل منه”، وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: “لا يُبطل الاحتلام الصيام، لا في النوم ولا في اليقظة، ولا يجب الغسل منه”.

أضف تعليق