**مقدمة**
النفس هي جوهر الإنسان ومنبع أفكاره وعواطفه وتصرفاته، وهي قوة محركة في حياته تدفعه إلى السعي لتحقيق أهدافه ورغباته. وقد اهتم الإسلام بالنفس اهتمامًا بالغًا، وجعلها محوراً رئيسيًا في تشريعاته وأحكامه، فكرمها وأعلى من شأنها، وحث على الرفق بها وإكرامها.
**مفهوم النَّفْس في الإسلام**
النفس في الإسلام هي جوهر الإنسان وكينونته، وهي الروح التي نفخها الله فيه، وهي مصدر حياته وإدراكه وشعوره. وقد خلق الله النفس على الفطرة السليمة، وهي موهوبة بالقدرة على التمييز بين الخير والشر، والصواب والخطأ.
**أنواع النَّفْس**
قسم العلماء النفس إلى ثلاثة أنواع:
1. **النفس الأمارة بالسوء:** وهي النفس التي تدعو صاحبها إلى الشر والمعاصي، وهي غالبة على الإنسان في بداية حياته.
2. **النفس اللوامة:** وهي النفس التي تلوم صاحبها على أفعاله السيئة، وتنهاه عن ارتكاب المعاصي، وهي تظهر في الإنسان بعد أن يتعلم ويرتقي في درجات الإيمان.
3. **النفس المطمئنة:** وهي النفس التي وصلت إلى مرحلة الكمال والرضا، وهي مطمئنة إلى ربها وراضية بقضائه وقدره، وهي لا تدعو صاحبها إلا إلى الخير والتقوى.
**خصائص النَّفْس**
للنفس خصائص تميزها عن غيرها من المخلوقات، ومن أهم هذه الخصائص:
1. **الخلود:** وهي من أهم خصائص النفس، حيث لا تفنى بانتهاء الحياة الدنيا، بل تبقى حية بعد الموت وتنتقل إلى عالم الآخرة لتُحاسب على أعمالها في الدنيا.
2. **الاختيار والإرادة:** وهي القدرة التي يمتلكها الإنسان على اختيار أفعاله وتصرفاته، وهو مسؤول عن اختياراته وأعماله في الدنيا.
3. **العقل:** وهو القدرة التي يمتلكها الإنسان على التفكير والتدبر والتأمل في الكون والأشياء، وهو من أهم خصائص الإنسان التي تميزه عن غيره من المخلوقات.
**مراتب النَّفْس**
قسم بعض العلماء النفس إلى سبع مراتب، وهي:
1. **النفس النباتية:** وهي النفس التي تُعنى بتدبير حاجات الجسم الأساسية مثل الأكل والشرب والنوم.
2. **النفس الحيوانية:** وهي النفس التي تُعنى بالشهوات والغرائز، مثل الشهوة الجنسية والغضب.
3. **النفس الناطقة:** وهي النفس العاقلة التي تُميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وهي النفس التي تُدرك الحقائق والمعاني وتفهم الأمور.
4. **النفس القدس:** وهي النفس التي أُلهمت من روح الله، وهي من أعلى مراتب النفس وأشرفها.
5. **النفس الملكوتية:** وهي النفس التي اتحدت مع الله تعالى، وهي من أعلى مراتب النفس وأشرفها.
6. **النفس الإلهية:** وهي النفس التي أصبحت واحداً مع الله تعالى، وهي من أعلى مراتب النفس وأشرفها.
7. **النفس الربانية:** وهي النفس التي أصبحت خليفة الله تعالى على الأرض، وهي من أعلى مراتب النفس وأشرفها.
**طرق تزكية النَّفْس**
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق السيئة والصفات الذميمة، ومن أهم هذه الطرق:
1. **مراقبة النفس:** وهي مراقبة النفس ومحاسبتها على أفعالها وتصرفاتها، ومحاولة تجنب الوقوع في المعاصي والآثام.
2. **مجاهدة النفس:** وهي مجاهدة النفس والسيطرة عليها ومنعها من اتباع الشهوات والغرائز، والحرص على اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.
3. **ذكر الله تعالى:** وهو ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم والأذكار والدعوات، وهي من أهم طرق تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق السيئة والصفات الذميمة.
4. **الصبر:** وهو التحمل والصبر على الشدائد والابتلاءات، وهو من أهم طرق تزكية النفس وتقويتها على مواجهة صعوبات الحياة.
5. **الشكر:** وهو شكر الله تعالى على نعمه ومننه، وهو من أهم طرق تزكية النفس وتنمية الشعور بالامتنان والرضا.
**خاتمة**
النفس هي جوهر الإنسان ومنبع أفكاره وعواطفه وتصرفاته، وهي قوة محركة في حياته تدفعه إلى السعي لتحقيق أهدافه ورغباته. وقد اهتم الإسلام بالنفس اهتمامًا بالغًا، وجعلها محوراً رئيسيًا في تشريعاته وأحكامه، فكرمها وأعلى من شأنها، وحث على الرفق بها وإكرامها.