الرضا بما قسمه الله

الرضا بما قسمه الله

الرضا بما قسمه الله

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الرضا بما قسمه الله تعالى من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، فالله تعالى هو الذي قسم الأرزاق والآجال والأموال، وهو الذي يقدر لكل إنسان ما يشاء، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة القصص: 68].

مفهوم الرضا بما قسمه الله:

الرضا بما قسمه الله تعالى هو القناعة بما قسمه الله للإنسان من رزق وأجل ومال وجمال وقوة وغيرها، واعتقاد جازم بأن ما قسمه الله تعالى له هو الأفضل له، وأنه لا يحصل له إلا ما كتبه الله له، قال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [سورة آل عمران: 128].

أسباب الرضا بما قسمه الله:

من أهم أسباب الرضا بما قسمه الله تعالى:

الإيمان بالله تعالى وقدره، والإيمان بأن ما قسمه الله تعالى للإنسان هو الأفضل له، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 216].

اليقين بأن ما فات الإنسان لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليفوته، قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [سورة آل عمران: 120].

التفكر في حال من هم أقل منه نعمة، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [سورة التوبة: 65-66].

ثمار الرضا بما قسمه الله:

من ثمار الرضا بما قسمه الله تعالى:

طمأنينة القلب وسكينة النفس، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [سورة الرعد: 28].

البركة في الرزق والعمر، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة الأعراف: 96].

محبة الله تعالى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [سورة الرعد: 22].

الرضا بما قسمه الله في السراء والضراء:

الرضا بما قسمه الله تعالى ليس خاصًا بالسراء فقط، بل يجب أن يكون في الضراء أيضًا، فالمؤمن الصادق هو الذي يرضى بما قسمه الله تعالى له في السراء والضراء، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة: 155].

الرضا بما قسمه الله في المرض:

من أعظم ابتلاءات الدنيا وأشدها وقعًا على النفس هو المرض، إلا أن المؤمن الصادق هو الذي يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، ولا يسخط على ما قسمه الله تعالى له، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [سورة التغابن: 15].

الرضا بما قسمه الله في الفقر:

من أصعب ما يبتلى به الإنسان هو الفقر، إلا أن المؤمن الصادق هو الذي يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، ويعلم أن الله تعالى هو الذي يقدر الأرزاق، قال تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّينَ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهَلْ هُمْ سَوَاءٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [سورة النحل: 71].

الرضا بما قسمه الله في الموت:

الموت هو آخر منازل الدنيا، وهو حق على كل إنسان، ولا يعلم الإنسان متى يحل به أجله، إلا أن المؤمن الصادق هو الذي يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، ويعلم أن الموت هو نهاية كل حي، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [سورة العنكبوت: 57].

أقوال العلماء في الرضا بما قسمه الله:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “الرضا بما قسمه الله تعالى من أعظم أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، فمن رضي بقضاء الله تعالى وقدره، فقد فاز بسعادة

أضف تعليق