مقدمة:
الله خلق الإنسان بقدرات ومميزات تميزه عن غيره من الكائنات الحية، ومن أهم هذه القدرات التي ميز الله بها الإنسان هي العقل، فيمكنه التفكير والتمييز بين الصواب والخطأ، والاختيار بين الخير والشر، والتي سنتحدث عنها من خلال آيات قرآنية وتوجيهات ربانية.
1. خلق الله الإنسان بعقل مميز وواعي:
– قال تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الإسراء: 70).
– في هذه الآية الكريمة، يبين الله تعالى كرامة الإنسان وتفضيله على كثير من مخلوقاته، ويرجع ذلك إلى ما حباه الله به من عقل ووعي وتمييز.
– كما قال تعالى: “وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي آدَمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْنَاهُ الْبَيَانَ” (الرحمن: 4).
– وهذه الآية تنسجم مع ما سبق في تأكيد المكانة العليا التي يتمتع بها الإنسان بسبب عقله وعلمه.
2. العقل أساس الاختيار والمسؤولية:
– قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَنُونًا وَأَكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأنعام: 99).
– في هذه الآية، يذكر الله تعالى نعمه على الإنسان، ومنها الماء الذي أنزله من السماء، والذي يخرج منه النبات والثمرات المختلفة.
– كما يدعو الله تعالى الإنسان إلى أكل هذه الثمار والشراب منها، مع مراعاة الاعتدال وعدم الإسراف، لأن الله لا يحب المسرفين.
3. العقل أساس التكليف:
– قال تعالى: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يُغِيضُوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” (النور: 30).
– في هذه الآية الكريمة، يأمر الله تعالى المؤمنين بغض البصر وحفظ الفروج، وذلك لأن هذه الأشياء أزكى لهم وأطهر.
– كما يؤكد الله تعالى أن الله خبير بما يصنعه الإنسان، ويعلم ما يفعل وما يفكر فيه.
4. العقل أساس الحوار والنقاش:
– قال تعالى: “أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ” (الحج: 46).
– في هذه الآية الكريمة، يتساءل الله تعالى عن سبب عدم تفكر الناس في الأرض وما فيها من دلائل على وحدانيته وقدرته.
– ويؤكد الله تعالى أن القلب هو الذي يعقل ويفهم، وليس العين والأذن، وأن القلوب هي التي تصاب بالعمى، وليس الأبصار.
5. العقل أساس الإيمان واليقين:
– قال تعالى: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَوَابٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” (البقرة: 164).
– في هذه الآية الكريمة، يبين الله تعالى أن في خلق السماوات والأرض والليل والنهار والفلك التي تجري في البحر، وفي الماء الذي ينزله من السماء، وفي إحياء الأرض بعد موتها، وفي بث الدواب فيها، وفي تصريف الرياح والسحاب، آيات ودلائل على وجود الله وقدرته.
– كما يؤكد الله تعالى أن هذه الآيات واضحة جلية لمن يعقل ويفهم.
6. العقل أساس العبادة والطاعة:
– قال تعالى: “مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ” (يونس: 72).
– في هذه الآية الكريمة، يخبرنا الله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام، أنه لا يسأل قومه على دعوته وإرشادهم أجراً، وإنما أجره على الله وحده.
– كما أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام أن يكون أول المسلمين، أي أن يكون أول من يسلم له ويطيعه.
7. العقل أساس النجاة والفوز بالجنة:
– قال تعالى: “أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ” (الزمر: 22).
– في هذه الآية الكريمة، يخبرنا الله تعالى أن من شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، أي أنه منعم بنور الهداية والإيمان.
– أما القاسية قلوبهم من ذكر الله، فهم في ضلال مبين، أي أنهم في ظلام الكفر والضلال.
خاتمة:
في ختام هذا المقال، نكون قد تعرفنا على آيات قرآنية وتوجيهات ربانية التي تؤكد على تمييز الإنسان بالعقل، فالعقل هو الذي أعطى الإنسان المكانة العليا بين المخلوقات، وهو أساس الاختيار والمسؤولية، والتكليف والحوار والنقاش، والإيمان واليقين، والعبادة والطاعة، والنجاة والفوز بالجنة.