المقدمة:
الحمد لله الذي وسّع على خلقه الأرزاق، وأسبغ عليهم من نعمه ظاهره وباطنه، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله الذي علّم أصحابه الكرم والسخاء، وأرشدهم إلى سبيل النجاة والفلاح.
أما بعد:
اللهم أعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا: شرح
هذا الدعاء العظيم الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحتوي على حكمة بالغة وفوائد جمّة، وهو من الأدعية التي ينبغي للمسلم أن يدعو بها في كل وقت وحين، لاسيما في هذا الزمن الذي انتشر فيه البخل والشح وقل فيه السخاء والكرم.
1. فضل الإنفاق في سبيل الله:
إن الإنفاق في سبيل الله من أعظم القربات وأجلّ العبادات، وهو سبب لرضا الله عز وجل ونيل جناته.
قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 261].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نقصت صدقة من مال، بل تزيده، وما عفا عبد عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا، وما تواضع عبد لله إلا رفعه الله” [مسلم].
2. أجر المنفق:
ينال المنفق في سبيل الله أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا، ويضاعف الله له أجره أضعافًا مضاعفة.
قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 245].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” [ترمذي].
3. البركة في مال المنفق:
يبارك الله في مال المنفق ويضاعفه له، ويجعل فيه البركة والزيادة.
قال الله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نقصت صدقة من مال، بل تزيده” [مسلم].
4. عاقبة الممسك:
أما الممسك البخيل الذي لا ينفق في سبيل الله، فإنه يلقى عاقبة وخيمة وعقابًا شديدًا.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [النساء: 37].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله لعن الممسك والمنفق” [بخاري].
5. الحث على الإنفاق:
حثنا الإسلام على الإنفاق في سبيل الله، وأمرنا به في كثير من الآيات والأحاديث.
قال الله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام: 141].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” [ترمذي].
6. آداب الإنفاق:
ينبغي للمسلم أن يتحلى بآداب الإنفاق وفضائله، وأن ينفق في سبيل الله بإخلاص لله تعالى وابتغاء مرضاته.
قال الله تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: 38].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى” [بخاري].
7. صور الإنفاق في سبيل الله:
الإنفاق في سبيل الله يشمل أنواعًا كثيرة من العبادات والقربات، منها:
الصدقة على الفقراء والمساكين.
الإنفاق على الأيتام والأرامل.
بناء المساجد والمدارس والمستشفيات.
الدعوة إلى الله تعالى ونشر العلم النافع.
الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الحق.
الخاتمة:
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المنفقين في سبيله، وأن يبارك في أموالنا ويضاعف لنا أجرنا، وأن يعطينا خلفًا في الدنيا والآخرة.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.