اللهم انت العفو تحب العفو

اللهم انت العفو تحب العفو

العنوان: اللهم أنت العفو تحب العفو

المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أنت العفو تحب العفو فاعفُ عنا. نبدأ مقالنا ذاكرين إحدى أسماء الله الحسنى والتي تنص على أنَّ الله غفور يحب الغفور، وهنا تبدأ قصتنا مع هذا الوصف الإلهي الجميل، فالعفو هو التجاوز عن الجرائم والذنوب، وهو من أسمى الصفات التي يتصف بها الله تعالى، حيث إنه يتجاوز عن أخطاء العباد وذنوبهم ويغفر لهم، ويحب سبحانه وتعالى أن يتصف عباده بهذه الصفة الجميلة، فمن كان غفوراً ستغفر له ذنوبه وسيُدخل الجنة، ومن كان غفوراً سيمتلك قلوب الناس وستحبُّه النفوس.

1. رحمة الله بعباده:

إنَّ الله تعالى رحيم بعباده، فهو غفور رحيم، يغفر لهم ذنوبهم ويسامحهم على أخطائهم، ويحب سبحانه وتعالى أن يتوب عباده إليه ويغفر لهم ذنوبهم، قال تعالى: “فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (سورة التوبة، الآية: 104).

ومن رحمته بعباده أن جعل لهم باب التوبة مفتوحاً دائماً، فمهما كان الذنب عظيماً أو صغيراً، فما على العبد إلا أن يتوب إلى الله ويطلب منه المغفرة، فإن الله يغفر له ذنوبه ويمحوها من صحيفته، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ” (سورة الشورى، الآية: 25).

ومن رحمته بعباده أنه لا يُعاقبهم على ذنوبهم إلا بعد أن يتوبوا إليها، فإذا تاب العبد إلى الله توبة نصوحاً، أي توبة صادقة من قلبه، فإن الله يغفر له ذنوبه ولا يعاقبه عليها.

2. فضل العفو والصفح:

إنَّ العفو والصفح من أعظم الأخلاق التي يتصف بها المسلم، فهو يتجاوز عن أخطاء الناس ويسامحهم على أخطائهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عفا وأصلح فأجره على الله” (رواه البخاري ومسلم).

ومن فضل العفو والصفح أنه يجعل القلوب صافية ويقضي على الحقد والكراهية بين الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة” (رواه أبو داود والترمذي).

ومن فضل العفو والصفح أنه يجعل الإنسان قريباً من الله تعالى، فالله يحب العفوين الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب العفوين الراحمين” (رواه البخاري ومسلم).

3. كيف نكون من العفوين:

لكي نكون من العفوين علينا أن نتذكر دائماً أننا بشر وأننا معرضون للخطأ والزلل، وأننا بحاجة إلى أن يغفر الله لنا ذنوبنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يغفر الذنوب إلا الله” (رواه البخاري ومسلم).

وعلينا أن نتذكر أيضاً أن العفو والصفح من صفات الله تعالى، وأننا علينا أن نتخلق بهذه الصفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تخلقوا بأخلاق الله” (رواه الترمذي وابن ماجه).

وعلينا أن نتعود على العفو والصفح عن أخطاء الناس، وأن لا نحمل في قلوبنا حقداً أو كراهية عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” (رواه مسلم).

4. قصص من العفو والصفح:

في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، كان هناك رجل يدعى عبدالله بن الزبير، وكان من المعارضين لخلافة عمر، وكان عمر يعلم بذلك ولكنه لم يعاقبه، بل كان يعامله بلطف وكرم.

وفي يوم من الأيام، جاء عبدالله بن الزبير إلى عمر وطلب منه الصفح والعفو، فصفح عنه عمر وغفر له ذنوبه، وقال له: “إني لا أحب أن أرى رجلاً من قريش يقتل مظلوماً”.

ومن قصص العفو والصفح أيضاً قصة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما جاء إخوته إليه في مصر وطلبوا منه الصفح والعفو، فصفح عنهم وغفر لهم ذنوبهم، وقال لهم: “لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين” (سورة يوسف، الآية: 92).

5. العفو والصفح في الإسلام:

إنَّ العفو والصفح من أهم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، فقد حثَّ الإسلام على العفو والصفح عن أخطاء الناس، ونهى عن الحقد والكراهية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تحقدوا ولا تحاسدوا ولا تنافسوا وكونوا عباد الله إخواناً” (رواه البخاري ومسلم).

وقد جعل الإسلام العفو والصفح من شروط دخول الجنة، فلن يدخل الجنة إلا من كان عفواً ورحيماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير” (رواه الترمذي).

ومن آداب العفو والصفح في الإسلام أن يكون العفو صادراً عن قلب سليم نقي من الحقد والكراهية، وأن لا يكون العفو من أجل مصلحة شخصية أو خوفاً من الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عفا عن أخيه المسلم عن مظلمة، أعطاه الله من الأجر بقدر ما ظلمه” (رواه ابن ماجه).

6. العفو والصفح في القرآن الكريم:

وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدعو إلى العفو والصفح، ومن هذه الآيات:

قوله تعالى: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” (سورة آل عمران، الآية: 134).

قوله تعالى: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين” (سورة الأعراف، الآية: 199).

قوله تعالى: “فاصفح الصفح الجميل” (سورة الحجر، الآية: 85).

7. العفو والصفح في السنة النبوية:

وردت في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحث على العفو والصفح، ومن هذه الأحاديث:

قوله صلى الله عليه وسلم: “من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة” (رواه أبو داود والترمذي).

قوله صلى الله عليه وسلم: “تخلقوا بأخلاق الله” (رواه الترمذي وابن ماجه).

قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” (رواه مسلم).

الخاتمة:

ختاماً، فإنَّ العفو والصفح من أهم الأخلاق التي يتصف بها المسلم، فهو يتجاوز عن أخطاء الناس ويسامحهم على أخطائهم، ويتعامل معهم باللين والكرم، فالعفو والصفح من صفات الله تعالى، وعلى الإنسان أن يتخلق بها، وأن لا يحمل في قلبه حقداً أو كراهية على أحد، فالعفو والصفح يجعلان القلوب صافية ويقضيان على الحقد والكراهية بين الناس، ويجعلان الإنسان قريباً من الله تعالى.

أضف تعليق