بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنك عفو تحب العفو فعفو عنا
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم إنك عفو تحب العفو فعفو عنا. عبارة صغيرة تحمل في طياتها معاني عظيمة ودعاء خالص من العبد إلى ربه. فالله سبحانه وتعالى هو العفو الغفور الذي يحب العفو والمغفرة, وهو الذي يتجاوز عن سيئات عباده ويتقبل توبتهم.
وإن من أعظم ما يدل على عفو الله ومغفرته لعباده أن أرسل إليهم الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين, يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له, ويحثونهم على الإيمان والتقوى. وقد بشر الله تعالى عباده المؤمنين بالعفو والمغفرة إذا تابوا إلى الله وأنابوا إليه.
وفي هذا المقال, سوف نتحدث عن معاني العفو عند الله تعالى, وكيف يمكن للمسلم أن ينال عفو الله ومغفرته, وما هي ثمرات العفو عند الله تعالى.
معاني العفو عند الله تعالى:
العفو عند الله تعالى يعني المغفرة والتجاوز عن الذنوب والسيئات. وهو ينبع من رحمة الله تعالى وفضله على عباده. وقد وردت في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف العديد من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن عفو الله تعالى ومغفرته لعباده. ومن ذلك قوله تعالى: “وإن ربك لعفو عنهم وإن تابوا وآمنوا وعملوا صالحًا”. (الأنعام: الآية 12)
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تاب من ذنبه فكأن لم يذنب”. (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
ومن معاني العفو عند الله تعالى أنه لا يفضح العبد على ذنوبه ولا يعاقبه عليها في الدنيا. بل قد يبتليه الله تعالى بالمصائب والشدائد في الدنيا حتى يكفر عن ذنوبه ويتطهر منها. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله تعالى إذا أحب عبدًا ابتلاه”. (رواه الترمذي وابن ماجه)
كيفية نيل عفو الله ومغفرته:
لينال المسلم عفو الله ومغفرته, عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا. والتوبة النصوح هي التوبة التي تنقطع فيها عن الذنب, وتندم عليها, وتتمني لو لم تفعلها. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “التوبة النصوح هي أن يتوب العبد من ذنبه ثم لا يعود إليه أبدًا”. (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه)
ومن شروط التوبة النصوح أن يكون المسلم صادقًا في توبته, وأن يعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تاب تاب الله عليه, ومن عاد عاد الله عليه”. (رواه أحمد والبخاري ومسلم)
ومن شروط التوبة النصوح أيضًا أن يسترجع المسلم المظالم التي وقعت عليه, وأن يرد الحقوق إلى أصحابها. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تاب من ذنب فرده الله عليه, ومن ظلم أحدًا فليتحلله منه قبل أن يأتي يوم القيامة ليس له درهم ولا دينار, فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار”. (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
ثمرات العفو عند الله تعالى:
إن للعفو عند الله تعالى ثمرات عظيمة تعود على العبد في الدنيا والآخرة. ومن هذه الثمرات:
1. مغفرة الذنوب والسيئات:
إن من أعظم ثمرات العفو عند الله تعالى أن يغفر الله تعالى لعباده ذنوبهم وسيئاتهم. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تاب من ذنبه فكأن لم يذنب”. (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
2. دخول الجنة:
إن من ثمرات العفو عند الله تعالى دخول الجنة. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه”. (رواه مسلم)
3. شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم:
إن من ثمرات العفو عند الله تعالى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعباده المؤمنين. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أشفع يوم القيامة لمن قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه”. (رواه البخاري ومسلم)
4. رفع الدرجات:
إن من ثمرات العفو عند الله تعالى رفع الدرجات في الجنة. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله تعالى يرفع الدرجات بالعفو كما يرفعها بالصيام والصدقة”. (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
5. محبة الله تعالى:
إن من ثمرات العفو عند الله تعالى محبة الله تعالى للعبد. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أحب العباد إلى الله أعفهم وأوصلهم للرحم”. (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه)
الخلاصة:
اللهم إنك عفو تحب العفو فعفو عنا. إن العفو عند الله تعالى من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده. فإن من نال عفو الله ومغفرته, فقد فاز برضوان الله تعالى ودخل الجنة.
فنسأل الله تعالى أن يوفقنا للتوبة النصوح, وأن يغفر لنا ذنوبنا وسيئاتنا, وأن يرفع درجاتنا في الجنة, وأن يجعلنا من عباده المحبوبين إليه.