اللهم إني أستودعك أبنائي
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، نعمة الولد الصالح، ولذلك فإن الآباء والأمهات يحرصون على تربية أبنائهم تربية حسنة، ويذلون كل غال ونفيس ليكونوا من الصالحين، ولكن يظل الأب والأم قلقين على أبنائهم فمهما بلغ حرصهم وحرص الأبناء، فإنهم يظلون عرضة لاختبارات الحياة، فيحتاجون إلى من يحميهم ورعايتهم.
1- الله هو خير حافظ:
حفظ الله تعالى هو أفضل حفظ، فهو الحافظ لعباده، وهو المجير لهم من كل شر، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
فإذا التجأ العبد إلى الله تعالى، واستودعه أولاده وجماعته، فإنه يكون بذلك قد أسندهم إلى من لا تضيع عنده الودائع، ولا تضيع لديه الأمانات.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا عباد الله، كونوا عباد الله إخوانًا، وخياركم أتقاكم عند الله، إن الله ليس ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فاتقوا الله”.
2- حفظ الله شامل وواسع:
حفظ الله تعالى شامل وواسع، فهو يحفظ من كل شر، ومن كل سوء، ومن كل مكروه، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من يحفظهم من كل شر، ومن كل سوء، ومن كل مكروه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير فاحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان”.
3- حفظ الله دائم ومستمر:
حفظ الله تعالى دائم ومستمر، فهو لا ينقطع ولا يتوقف، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من يحفظهم دائمًا، ومستمرًا، لا ينقطع حفظه ولا يتوقف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا اقترب أجل العبد، بعث الله ملكين، فيقول: انطلقا إلى عبدي فقبضا روحه، فيقولان: السلام عليك أتيتناك من ربك بالسلام، ابتعثنا لقبض روحك، فيقول: مرحبًا بكم، طبتما جئتما، فيقبضان روحه فيقولان: طبت نفسًا طيبة، كنت في الدنيا مسلمة، ومثواك الجنة”.
4- حفظ الله لا يحتاج إلى مقابل:
حفظ الله تعالى لا يحتاج إلى مقابل، فهو يحفظ عباده من غير أن يطلب منهم شيئًا، قال تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ شَرِيكًا فِي رِزْقِكُمْ وَأَنْتُمْ تَرْزُقُونَهُ﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من يحفظهم من غير أن يطلب منهم شيئًا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا، إني بما تعملون عليم. وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون. إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه، إن الله غفور رحيم”.
5- حفظ الله لا يضيع ولا يذهب سدى:
حفظ الله تعالى لا يضيع ولا يذهب سدى، فهو يحفظ عباده ويرعاهم حتى يبلغوا منازلهم في الجنة، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من لا يضيع حفظه ولا يذهب سدى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سره أن يرى مقعده من الجنة فلينظر إلى مقعده من النار، فإن الجنة والنار متقابلتان”.
6- حفظ الله يحمي المؤمن من شرور الدنيا والآخرة:
حفظ الله تعالى يحمي المؤمن من شرور الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من يحميهم من شرور الدنيا والآخرة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صبر على البلاء أعطاه الله عز وجل خير الدنيا والآخرة”.
7- حفظ الله يمنح المؤمن الطمأنينة والسكينة:
حفظ الله تعالى يمنح المؤمن الطمأنينة والسكينة، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
فإذا استودع العبد أولاده وجماعته عند الله تعالى، فإنه يكون بذلك قد استودعهم عند من يمنحهم الطمأنينة والسكينة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سره أن ينجيه الله من الكربات، وينقذه من الهموم والغموم، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، الحليم الكريم”.
الخاتمة:
نسأل الله تعالى أن يحفظ أولادنا وجماعتنا، وأن يجعلهم من عباده الصالحين، الذين يرضى عنهم ويرضون عنه، وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم. اللهم آمين.