ان الله تجاوز عن امتي

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن من أعظم النعم الإلهية على عباده أن تجاوز الله عنهم وتجاوز عن سيئاتهم، وهذا مما يبعث على الفرح والسرور والطمأنينة في القلوب، وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أحاديث كثيرة تبشر المؤمنين بأن الله عز وجل يتجاوز عنهم ويغفر لهم ذنوبهم، ومن ذلك قوله تعالى:

﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82]

وقوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]

وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ إِلَيَّ إِذْ أَنَا نَائِمٌ زَجَّاجَةً مِنْ خَمْرٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، فَأَخَذْتُهَا فَوَضَعْتُ فِي فَمِي لَاَشْرَبَ مِنْهُ فَنُودِيتُ: أَقْدَمْ أَقْدَمْ فَطَارَ مِنْ يَدِي وَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ حَتَّى تَذْهَبَ بِهَا الْأَنْهَارُ»

وفي رواية أخرى:

«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَنْزَلْتُ إِلَيْكَ الْخَمْرَ وَإِنِّي حَرَّمْتُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ مِنْ أُمَّتِكَ فَيَمُوتُ سَكْرَانَ دَخَلَ النَّارَ»

ما معنى تجاوز الله عن العباد؟

تجاوز الله عن العباد يعني أنه يغفر لهم ذنوبهم ويتجاوز عن سيئاتهم، وذلك فضل منه ورحمة.

وقد يكون التجاوز من الله تعالى بمحو الذنوب وتكفيرها، وقد يكون بعدم مؤاخذة العبد عليها.

والتجاوز من الله تعالى من صفاته العظيمة، وقد منَّ الله تعالى به على عباده في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

أسباب تجاوز الله عن العباد

من أسباب تجاوز الله عن العباد توبتهم النصوح وإخلاصهم في استغفاره ودعائه.

ومن أسباب تجاوز الله عن العباد حسناتهم وعملهم الصالح.

ومن أسباب تجاوز الله عن العباد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة المؤمنين الصالحين.

فضل تجاوز الله عن العباد

من فضل تجاوز الله عن العباد مغفرة ذنوبهم وتكفير سيئاتهم.

ومن فضل تجاوز الله عن العباد دخولهم الجنة ورضاه عنهم.

ومن فضل تجاوز الله عن العباد نيلهم السعادة في الدارين الدنيا والآخرة.

كيف ننال تجاوز الله عنا؟

نتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا ونخلص في استغفاره ودعائه.

نكثر من حسناتنا ونديم على الأعمال الصالحة.

نكثر من الاستغفار والدعاء بأن يتجاوز الله عنا ذنوبنا وسيئاتنا.

شواهد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على تجاوز الله عن العباد

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]

قال تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الفرقان: 70]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» [الترمذي]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» [ابن ماجه]

الخاتمة

إن تجاوز الله عن العباد من أعظم النعم الإلهية، ويجب على العباد أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة وأن يتوبوا إليه ويخلصوا في استغفاره ودعائه، وأن يكثر