حديث القرآن عن بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض

حديث القرآن عن بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض

حديث القرآن عن بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض

مقدمة:

يُعد القرآن الكريم المصدر الرئيس للتشريع الإسلامي، وقد تناول العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومن بين أهم القضايا التي تناولها القرآن الكريم هي قضية الفتنة والإفساد في الأرض، وقد خصص الله تعالى سورة كاملة لهذه القضية وهي سورة “الأنفال”، كما وردت آيات كثيرة في سور أخرى تتحدث عن الفتنة والمفسدين في الأرض.

أولاً: مفهوم الفتنة والإفساد في الأرض:

1. الفتنة هي كل عمل أو قول يؤدي إلى إثارة الفتنة بين الناس وإشعال نار الحرب والاقتتال بينهم، وهي من أخطر الجرائم التي نهى عنها الله تعالى في قوله: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” (الأحزاب: 58).

2. الإفساد في الأرض هو كل عمل أو قول يؤدي إلى إفساد الأرض ونشر الفساد فيها، وهو من أخطر الجرائم التي نهى عنها الله تعالى في قوله: “وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا” (الأعراف: 56).

3. من صور الفتنة والإفساد في الأرض: إثارة الفتن بين الناس، ونشر الأكاذيب والشائعات، والاعتداء على الأموال والأعراض، والتخريب والتدمير، والقتل والاغتيال، والسرقة والنهب، والغش والتدليس، والرشوة والفساد المالي والإداري، وانتهاك الحرمات، والاعتداء على المقدسات، وغير ذلك من الأعمال والقول التي تؤدي إلى إشاعة الفوضى والاضطراب في المجتمع.

ثانيًا: موقف الإسلام من بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض:

1. يعتبر الإسلام الفتنة والإفساد في الأرض من أخطر الجرائم التي تستوجب أشد العقوبات، وقد توعد الله تعالى بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” (النساء: 93).

2. كما أمر الله تعالى المسلمين بالقتال ضد بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض، فقال تعالى: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ” (الأنفال: 39).

3. وقد أوجب الإسلام على المسلمين التعاون والتعاضد في مواجهة بُغاة الفتنة والمفسدين في الأرض، فقال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2).

ثالثًا: أسباب الفتنة والإفساد في الأرض:

1. الجهل والتخلف: من أهم أسباب الفتنة والإفساد في الأرض الجهل والتخلف، حيث ينشأ الجاهل على عدم معرفة حقائق الأمور، فيكون عرضة للانخداع والشائعات، كما ينشأ المتخلف على عدم الالتزام بالأخلاق والقيم، فيكون مستعدًا لارتكاب الجرائم.

2. الفقر والتهميش: من الأسباب الرئيسية لانتشار الفتنة والإفساد في الأرض الفقر والتهميش، حيث يشعر الفقراء والمهمشون بالغبن والظلم، فيكونون أكثر عرضة للانجرار وراء الفتنة والإفساد.

3. الاستبداد والقمع: من الأسباب المؤدية إلى الفتنة والإفساد في الأرض الاستبداد والقمع، حيث يولد القمع والاستبداد الشعور بالظلم والغضب لدى الناس، مما يدفعهم إلى الثورة والانتفاض ضد الظالمين.

رابعًا: نتائج الفتنة والإفساد في الأرض:

1. تدمير البلاد والعباد: من أخطر نتائج الفتنة والإفساد في الأرض تدمير البلاد والعباد، حيث تؤدي الفتنة والإفساد إلى الحروب والاقتتال الداخلي، مما يؤدي إلى تدمير البلاد وتهجير أهلها وقتل الآلاف منهم.

2. نشر الفوضى والاضطراب: تؤدي الفتنة والإفساد في الأرض إلى نشر الفوضى والاضطراب في المجتمع، حيث تسود حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مما يجعل الناس يعيشون في خوف وقلق دائم.

3. إضعاف الأمة الإسلامية: تؤدي الفتنة والإفساد في الأرض إلى إضعاف الأمة الإسلامية، حيث تصبح الأمة منقسمة على نفسها، وغير قادرة على مواجهة أعدائها، مما يجعلها عرضة للاستعمار والاحتلال.

خامسًا: سبل مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض:

1. نشر الوعي والتثقيف: من أهم سبل مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض نشر الوعي والتثقيف بين الناس، وتعريفهم بخطورة الفتنة والإفساد، وبيان أسبابها ونتائجها الوخيمة.

2. تحقيق العدالة الاجتماعية: من أهم سبل مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفقر والتهميش، وإيجاد فرص عمل للشباب، وإصلاح التعليم والصحة وغيرها من المجالات الحيوية.

3. إصلاح الأنظمة السياسية: من أهم سبل مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض إصلاح الأنظمة السياسية، والقضاء على الاستبداد والقمع، وإقامة نظام ديمقراطي عادل يضمن الحريات الأساسية للمواطنين.

سادسًا: دور العلماء والدعاة في مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض:

1. للعلماء والدعاة دور كبير في مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض، وذلك من خلال توعية الناس بخطورتها، وبيان أسبابها ونتائجها الوخيمة، والحث على الوحدة والتعاون ونبذ العنف والتطرف.

2. كما على العلماء والدعاة أن يقدموا النموذج الحسن في السلوك والتعامل، وأن يكونوا قدوة للناس في الالتزام بالأخلاق والقيم، وأن يبتعدوا عن التعصب والتطرف والغلو.

3. عليهم أن يحرصوا أيضًا على عدم الانخراط في الخلافات السياسية والفتن الحزبية، وأن يقفوا على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، وأن يعملوا على رأب الصدع بينهم.

سابعًا: دور وسائل الإعلام في مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض:

1. لوسائل الإعلام دور مهم في مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض، وذلك من خلال نشر الوعي والتثقيف بين الناس، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وفضح مخططات أعداء الأمة.

2. كما على وسائل الإعلام أن تعمل على تعزيز قيم الوحدة والتعاون والتسامح ونبذ العنف والتطرف، وأن تحرص على عدم بث الشائعات والأكاذيب التي تؤدي إلى إثارة الفتنة والإفساد.

3. عليها أيضًا أن تلتزم بالمسؤولية الأخلاقية والمهنية، وأن تتحرى الدقة والموضوعية في نقل الأخبار والمعلومات.

الخاتمة:

الفتنة والإفساد في الأرض من أخطر الجرائم التي نهى عنها الله تعالى، ولها آثار مدمرة على البلاد والعباد، ولذلك فإن مواجهتها واجب على كل مسلم ومسلمة. ويمكن مواجهة الفتنة والإفساد في الأرض من خلال نشر الوعي والتثقيف بين الناس، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإصلاح الأنظمة السياسية، ودور العلماء والدعاة ووسائل الإعلام.

أضف تعليق