حكم التماثيل في الاسلام

حكم التماثيل في الاسلام

المقدمة:

يُعدُّ حكم التماثيل في الإسلام من القضايا الجدلية التي شغلت بال العلماء والفقهاء على مر العصور، وقد اختلفت الفتاوى والمواقف إزاءها عبر التاريخ، وصولاً إلى موقف إجماعي انحصر في تحريم صناعة التماثيل والتصوير وتمثيل الأحياء منها على وجه الخصوص، ويستند هذا التحريم إلى آيات وأحاديث صريحة في هذا السياق، الأمر الذي شكل موقف الإسلام الرسمي في هذا الخصوص.

موقف الإسلام من التماثيل:

1. تحريم صناعة التماثيل والتصوير:

يحرّم الإسلام صناعة التماثيل والتصوير بشكل عام، سواء كان ذلك للأحياء أو الأموات، ويشمل هذا التحريم الرسم والنحت والتصوير الفني، ويستند هذا الحكم إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: “لعن الله المصورين”.

أجمع العلماء على تحريم صناعة التماثيل والتصوير استنادًا إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصريحة، ويعدُّ المسلمون أن هذا التحريم من أهم ثوابت الدين الإسلامي التي لا يجوز مخالفتها.

سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صور الكعبة فنهى عن تصويرها، وقال: “إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا يصورون الأنبياء والملائكة”، كما نهى عن تصوير جميع الكائنات الحية.

2. المنع من تمثيل الأحياء:

يُحرم الإسلام تمثيل الأحياء بشكل خاص، سواء كان ذلك في شكل تمثال أو صورة أو رسم، ويستند هذا إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: “كل مصوّر في النار”، ويشمل هذا التحريم الأشخاص والحيوانات والنباتات.

يُعدُّ تمثيل الأحياء من المحرمات الكبرى في الإسلام، إذ ينطوي على ادعاء القدرة على خلق الحياة، ومحاكاة خلق الله -عز وجل-، فضلاً عن أنه يُعدُّ نوعاً من عبادة الأصنام.

يُحذر الإسلام من تمثيل الأحياء لأنها قد تؤدي إلى الشرك بالله -عز وجل-، وتجعل الناس يتعلقون بهذه التماثيل ويتعبدون لها بدلاً من الله، كما أنها قد تؤدي إلى الكفر بالله -عز وجل-.

3. الجواز في بعض الحالات:

يجوز صناعة التماثيل والتصوير في بعض الحالات الاستثنائية، مثل استخدامها في أغراض التعليم والتوثيق، أو استخدامها في أغراض علمية أو طبية، وذلك بشرط ألا تكون هذه التماثيل أو الصور بهدف العبادة أو التقديس.

يجوز تصوير الأحياء لغرض التعليم والتدريب، بشرط ألا يكون ذلك بهدف العبادة أو التقديس، كما يجوز استخدام التماثيل في المتاحف والمعارض الفنية، بشرط ألا تكون بهدف العبادة أو التقديس.

أجاز بعض الفقهاء استخدام التماثيل والصور في أغراض الزينة والإعلان، بشرط ألا تكون بهدف العبادة أو التقديس، كما أجازوا استخدامها في أغراض العلاج النفسي والتدريبي.

4. الحكمة وراء التحريم:

تحريم صناعة التماثيل والتصوير ينبع من حكمة إلهية عميقة، وهي منع الوقوع في الشرك بالله تعالى، إذ إن هذه التماثيل والصور قد تُعبد من دون الله -عز وجل-، مما يُعدُّ مخالفاً للتوحيد الخالص الذي هو أساس الإسلام.

الحكمة من تحريم تمثيل الأحياء في الإسلام تكمن في درء الفتنة والوقاية من الانزلاق في عبادة الأصنام، فالإسلام يشدد على ضرورة إبقاء العلاقة بين العبد وربه قائمة على الإخلاص والعبادة الخالصة لله -عز وجل-.

من الحكمة وراء تحريم صناعة التماثيل والتصوير في الإسلام هو منع إشاعة الفاحشة والمنكر بين الناس، حيث إن هذه التماثيل والصور قد تُستخدم في أغراض دنيئة ومخالفة للشريعة الإسلامية.

5. موقف العلماء والفقهاء المعاصرين:

معظم العلماء والفقهاء المعاصرين متفقون على تحريم صناعة التماثيل والتصوير وتمثيل الأحياء، ويستندون في ذلك إلى الأدلة الشرعية الواضحة، ويعتبرون أن هذا التحريم من ثوابت الإسلام التي لا يجوز مخالفتها.

يرى بعض العلماء والفقهاء المعاصرين أن تحريم صناعة التماثيل والتصوير وتمثيل الأحياء ليس مطلقاً، وإنما يجوز ذلك في بعض الحالات الاستثنائية، مثل استخدامها في أغراض التعليم والتوثيق، أو استخدامها في أغراض علمية أو طبية.

يدعو بعض العلماء والفقهاء المعاصرين إلى ضرورة مراعاة السياق التاريخي والظروف التي أدت إلى صدور الأحكام الشرعية المتعلقة بتحريم صناعة التماثيل والتصوير وتمثيل الأحياء، ويؤكدون على ضرورة فهم هذه الأحكام في إطارها الصحيح.

6. التماثيل في العصر الحديث:

شهد العصر الحديث ظهور الكثير من التماثيل والمنحوتات التي تمثل شخصيات وأحداث تاريخية، وقد أثار ذلك جدلاً واسعاً بين العلماء والفقهاء المعاصرين حول مدى جواز ذلك، واختلفت الآراء في هذا السياق.

يرى بعض العلماء والفقهاء المعاصرين أن صناعة التماثيل والمنحوتات التي تمثل شخصيات وأحداث تاريخية جائزة، بشرط ألا تكون بهدف العبادة أو التقديس، وأن تُستخدم في أغراض التعليم والتذكير.

يرى بعض العلماء والفقهاء المعاصرين أن صناعة التماثيل والمنحوتات التي تمثل شخصيات وأحداث تاريخية محرمة، استناداً إلى الأدلة الشرعية التي تحرم تمثيل الأحياء.

الخلاصة:

يحرم الإسلام صناعة التماثيل والتصوير وتمثيل الأحياء بشكل عام، ويستند هذا التحريم إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية صريحة.

يجوز صناعة التماثيل والتصوير في بعض الحالات الاستثنائية، مثل استخدامها في أغراض التعليم والتوثيق، أو استخدامها في أغراض علمية أو طبية.

يختلف موقف العلماء والفقهاء المعاصرين حول مدى جواز صناعة التماثيل والمنحوتات التي تمثل شخصيات وأحداث تاريخية، حيث يرى بعضهم جوازها بشرط ألا تكون بهدف العبادة أو التقديس، بينما يرى البعض الآخر أنها محرمة.

أضف تعليق