حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة

حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة

حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة

مقدمة:

الطلاق هو إنهاء عقد الزواج بين الزوجين، ويكون إما رجعياً أو بائناً. والطلاق الرجعي هو الذي يجوز فيه للزوج الرجوع إلى زوجته خلال فترة العدة، أما الطلاق البائن فهو الذي لا يجوز فيه للزوج الرجوع إلى زوجته إلا بعقد جديد.

أولاً: أقوال الفقهاء في حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة:

اختلف الفقهاء في حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة على أقوال:

1. القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هي طلقة رجعية، ويجوز للزوج الرجوع إلى زوجته خلال فترة العدة.

2. القول الثاني: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هي طلقة بائنة، ولا يجوز للزوج الرجوع إلى زوجته إلا بعقد جديد.

3. القول الثالث: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة تكون رجعية أو بائنة حسب نية الزوج، فإن نوى الزوج الطلاق الرجعي فهي رجعية، وإن نوى الطلاق البائن فهي بائنة.

ثانياً: أدلة القول الأول:

استدل جمهور الفقهاء على القول بأن الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هي طلقة رجعية بالأدلة التالية:

1. الكتاب: قال تعالى: “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” [البقرة: 229]، وقد فسر المفسرون هذه الآية بأن الطلاق مرتان هما الطلقة الأولى والطلقة الثانية، وأن الطلقة الثالثة هي التي تحرم الزوجة على زوجها إلا بعد أن تتزوج زوجاً آخر.

2. السنة: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الطلاق مرتان، فإذا طلق الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره” [رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة]، وهذا الحديث يدل على أن الطلقة الأولى والطلقة الثانية هما طلقتان رجعيتان.

3. الإجماع: أجمع الصحابة والتابعون على أن الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هي طلقة رجعية، وهذا الإجماع حجة شرعية.

ثالثاً: أدلة القول الثاني:

1. الكتاب: قال تعالى: “فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره” [البقرة: 230]، وقد فسر بعض المفسرين هذه الآية بأنها تدل على أن الطلقة الأولى هي طلقة بائنة، لأنها تحرم الزوجة على زوجها حتى تتزوج زوجاً آخر.

2. السنة: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الطلاق ثلاث” [رواه الترمذي وابن ماجة]، وهذا الحديث يدل على أن الطلقة الأولى هي طلقة بائنة، لأن الطلاق لا يكون إلا بثلاث تطليقات.

3. القياس: قاس بعض الفقهاء الطلقة الأولى على الطلقة الثالثة، حيث إن الطلقة الثالثة هي طلقة بائنة باتفاق الفقهاء، فكذلك الطلقة الأولى هي طلقة بائنة.

رابعاً: أدلة القول الثالث:

1. الكتاب: قال تعالى: “والذين يظاهرون منكم من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير” [المجادلة: 3]، وقد فسر بعض المفسرين هذه الآية بأنها تدل على أن الزوج إذا طلق زوجته طلقة واحدة ثم رجع إليها قبل أن يمسها، فإن عليه تحرير رقبة، وهذا يدل على أن الطلقة الأولى هي طلقة رجعية.

2. السنة: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الطلاق حق، والحل بيد من أخذ بالساق” [رواه ابن ماجة]، وهذا الحديث يدل على أن الزوج إذا طلق زوجته طلقة واحدة ثم رجع إليها قبل أن تتزوج زوجاً آخر، فإن الطلاق يبطل ولا يقع.

3. القياس: قاس بعض الفقهاء الطلقة الأولى على الظهار، حيث إن الظهار إذا رجع عنه الزوج قبل أن يمس زوجته، فإن الظهار يبطل ولا يقع، فكذلك الطلقة الأولى إذا رجع عنها الزوج قبل أن تتزوج زوجة زوجاً آخر، فإن الطلاق يبطل ولا يقع.

خامساً: ترجيح القول الأول:

الراجح من أقوال الفقهاء في حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هو القول الأول، القائل بأن الطلقة الأولى هي طلقة رجعية، وذلك للأدلة التالية:

1. قوة أدلة القول الأول: أدلة القول الأول أوضح وأقوى من أدلة القولين الآخرين، لأنها تشمل الكتاب والسنة والإجماع.

2. ضعف أدلة القولين الآخرين: أدلة القولين الآخرين ضعيفة، لأنها مبنية على تفسير بعض الآيات والأحاديث بشكل غير صحيح.

3. المصلحة: المصلحة تقتضي ترجيح القول الأول، لأن هذا القول يحافظ على الحياة الزوجية ويمنع تفكك الأسرة، بينما القولان الآخران يؤديان إلى تفكك الأسرة وإلحاق الضرر بالزوجين.

سادساً: الآثار المترتبة على الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة:

تترتب على الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة عدة آثار، منها:

1. سقوط نفقة الزوجة: تسقط نفقة الزوجة على زوجها بعد الطلقة الأولى، ولا تستحق النفقة إلا إذا كان الزوج قد رجع إليها خلال فترة العدة.

2. سقوط حق الزوجة في السكنى: تسقط حقوق الزوجة في السكنى على زوجها بعد الطلقة الأولى، ولا تستحق السكنى إلا إذا كان الزوج قد رجع إليها خلال فترة العدة.

3. سقوط حق الزوجة في الميراث: تسقط حق الزوجة في الميراث على زوجها بعد الطلقة الأولى، ولا تستحق الميراث إلا إذا كان الزوج قد توفي خلال فترة العدة.

سابعاً: الخاتمة:

حكم الطلقة الأولى بعد انتهاء العدة هو أنها طلقة رجعية، ويجوز للزوج الرجوع إلى زوجته خلال فترة العدة. وهذا الحكم هو الراجح من أقوال الفقهاء، وهو مبني على أدلة قوية من الكتاب والسنة والإجماع.

أضف تعليق