حكم صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر
مقدمة:
يعتبر الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة فرضها الله تعالى على المسلمين في شهر رمضان المبارك، ويحرم على الحائض أن تصوم، فالحيض شرعاً هو الدم الذي تراه المرأة في سن الحيض المعتاد، ويكون نزوله علامة على خروج البويضة من المبيض وعدم حدوث الحمل، ويبدأ الحيض من حين خروج الدم إلى أن ينقطع، وقد حدد الفقهاء عدة أحكام تتعلق بصيام الحائض، ومنها حكم صيامها إذا طهرت بعد طلوع الفجر.
أولاً: أقوال الفقهاء في حكم صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر:
اختلف الفقهاء في حكم صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر على قولين:
1. القول الأول: يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أن المرأة الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر لا يجوز لها أن تصوم ذلك اليوم، وعليها أن تقضي هذا اليوم بعد انتهاء شهر رمضان، واستدلوا على ذلك بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صيام لمن أكل أو شرب حتى يطلع الفجر).
2. القول الثاني: يرى الحنفية أن المرأة الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر يجوز لها أن تصوم ذلك اليوم، واستدلوا على ذلك بما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدركه الفجر وهو جنب فلا يصوم).
ثانياً: أدلة القول الأول:
1. قول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).
2. حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صيام لمن أكل أو شرب حتى يطلع الفجر).
3. حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل).
ثالثاً: أدلة القول الثاني:
1. حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدركه الفجر وهو جنب فلا يصوم).
2. حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدركه الصبح وهو جنب أو حائض فلا يصوم ذلك اليوم).
3. حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدركته الصلاة وهو جنب أو حائض فلا يصوم ذلك اليوم).
رابعاً: ترجيح القول الأول:
يرى جمهور الفقهاء أن القول الأول هو الراجح، وذلك للأدلة الكثيرة التي تدعمه، والأصل في العبادات هو الامتناع، ولا يجوز إثباتها إلا بدليل شرعي، ولا يوجد دليل شرعي صريح على جواز صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر.
خامساً: آثار صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر:
1. لا يصح صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر، وعليها أن تقضي هذا اليوم بعد انتهاء شهر رمضان.
2. إذا صامت الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر، فإن صيامها لا يصح، وعليها أن تتوب إلى الله وتستغفره.
3. إذا صامت الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر، فإنها تكون آثمة، وعليها أن تكفر عن صيامها بإطعام مسكين عن كل يوم أفطرته.
سادساً: الحكمة من منع الحائض من الصيام:
1. الحيض حالة طبيعية تمر بها المرأة، وهي فترة ضعف جسدي ونفسي، ويحتاج الجسم خلالها إلى الراحة والتعافي.
2. الصيام عبادة شاقة تتطلب جهداً بدنياً ونفسياً، وقد يؤثر على صحة الحائض سلباً.
3. الحيض يمنع المرأة من أداء بعض العبادات الأخرى، مثل الصلاة والطواف، لذلك كان من الحكمة منعها من الصيام أيضاً.
سابعاً: الخاتمة:
إن حكم صيام الحائض إذا طهرت بعد طلوع الفجر هو أنها لا يجوز لها أن تصوم ذلك اليوم، وعليها أن تقضي هذا اليوم بعد انتهاء شهر رمضان، وذلك للأدلة الشرعية الكثيرة التي تدعم هذا القول، ولا يجوز إثبات حكم شرعي إلا بدليل شرعي صريح.