مقدمة
تُعدُّ الآية الكريمة “وَخُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” من الآيات القرآنية العظيمة التي حثَّ الله تعالى فيها عباده على التحلي بالعديد من الأخلاق الحميدة والمُثُل العُليا، والتخلُّص من الأخلاق السيئة والصفات المذمومة، وفي هذا المقال سوف نتناول شرح هذه الآية الكريمة وبيان معانيها ومفاهيمها، بالإضافة إلى ذكر بعض الأمثلة العملية على كيفية تطبيقها في حياتنا اليومية.
فضائل التحلي بالعفو
1- العفو من صفات المُتَّقين:
– قال تعالى: “وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ” (الرعد: 21).
– العفو من علامات تقوى الله تعالى، فالمُتقون هم الذين يعفون عن الناس ويصفحون عن سيئاتهم، ولا يحملون في قلوبهم غلاً أو حقدًا.
2- العفو يُثقل ميزان الحسنات:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عفا عن أخيه المسلم أظله الله تحت عرشه يوم القيامة” (الترمذي).
– العفو عن الناس يُثقل ميزان الحسنات يوم القيامة، ويجعل صاحبه من الفائزين برضا الله تعالى وجنته.
3- العفو يمحو الذنوب:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العفو عند المُقدرة من أخلاق الكرام” (البخاري).
– العفو عن الناس يمحو ذنوب العافي ويُكفّر عن سيئاته، ويجعله من المُقربين إلى الله تعالى.
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات:
– قال تعالى: “وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (آل عمران: 104).
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات التي فرضها الله تعالى على عباده، وهو من علامات الإيمان.
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُصلح المجتمعات:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا” (البخاري).
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُصلح المجتمعات ويُحفظها من الانحراف والفساد.
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُرفع البلاء:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب” (الترمذي).
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُرفع البلاء عن المجتمعات ويحفظها من غضب الله تعالى.
فضل الإعراض عن الجاهلين
1- الإعراض عن الجاهلين من صفات الحكماء:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم” (الترمذي).
– الإعراض عن الجاهلين من صفات الحكماء والعاقلين، وهو من علامات حسن الخُلق.
2- الإعراض عن الجاهلين يُريح القلب ويُحفظ النفس:
– قال تعالى: “وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” (لقمان: 17).
– الإعراض عن الجاهلين يُريح القلب ويُحفظ النفس من الغضب والانزعاج.
3- الإعراض عن الجاهلين يُحفظ اللسان:
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صمت نجا” (الترمذي).
– الإعراض عن الجاهلين يُحفظ اللسان من قول الكلام السيئ والسباب والشتائم.
كيف نطبق الآية الكريمة في حياتنا اليومية؟
1- العفو عن الناس:
– أن نعفو عن الناس الذين أساءوا إلينا، سواء بالقول أو بالفعل.
– أن لا نكن في قلوبنا غلاً أو حقدًا على أحد.
– أن نصفح عن الناس ونبدأ صفحة جديدة معهم.
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
– أن ندعو الناس إلى فعل الخيرات والطاعات.
– أن نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
– أن نكون قدوة حسنة للناس في أقوالنا وأفعالنا.
3- الإعراض عن الجاهلين:
– أن نتجاهل الجاهلين ولا نرد على إساءاتهم.
– أن لا نضيع وقتنا في الجدال معهم أو الرد على أقوالهم السخيفة.
– أن نركز على أهدافنا وغاياتنا في الحياة ولا ننشغل بالجاهلين.
خاتمة
وختامًا، فإن الآية الكريمة “وَخُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” من الآيات القرآنية العظيمة التي حثَّ الله تعالى فيها عباده على التحلي بالعديد من الأخلاق الحميدة والمُثُل العُليا، والتخلُّص من الأخلاق السيئة والصفات المذمومة، فالعفو عن الناس من شيم الكرام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات، والإعراض عن الجاهلين من صفات الحكماء والعاقلين، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى التحلي بهذه الأخلاق الحميدة وأن يجعلنا من عباده الصالحين المتقين.