خطبة عن ظهور الفتن

خطبة عن ظهور الفتن

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المسلمون، إننا نعيش في زمن كثرت فيه الفتن والاضطرابات، وظهرت فيه بدع وخرافات كثيرة، ولذا كان لزامًا علينا أن نحذر من هذه الفتن وأن نتمسك بديننا الحنيف.

1. مفهوم الفتنة:

الفتنة هي كل ما يوقع بين الناس العداوة والبغضاء، وهي من أعظم البلاءات التي ابتلي بها الناس، وقد حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها قوله: “ما أشبه الفتنة بالجمرة، تضرمها الريح، فمن اشتد ناره احترق، ومن أوقدها ندم، ومن أطفأها نجا” ([صحيح مسلم]).

2. أسباب الفتنة:

هناك أسباب كثيرة لظهور الفتن، منها:

– الجهل بالدين: الجهل بالدين من أهم أسباب الفتنة، لأن الجاهل بدينه لا يعرف الحق من الباطل، ولا يعرف الصحيح من السقيم، ولذا يكون عرضة للوقوع في الفتن.

– ضعف الإيمان: ضعف الإيمان من أسباب الفتنة أيضًا، لأن الضعيف الإيمان لا يتحمل الضغوط والتحديات، ولا يصبر على البلاء، ولذا يكون عرضة للوقوع في الفتن.

– حب الدنيا: حب الدنيا من أسباب الفتنة أيضًا، لأن حب الدنيا يعمي البصيرة ويصم القلب، ويجعل المرء يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة دينه وأمته، ولذا يكون عرضة للوقوع في الفتن.

3. أنواع الفتنة:

هناك أنواع كثيرة للفتنة، منها:

– الفتنة الدينية: وهي الفتنة التي تكون بين المسلمين بسبب اختلافهم في الدين، وقد حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها قوله: “لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان، دعوتهما واحدة” ([صحيح البخاري]).

– الفتنة السياسية: وهي الفتنة التي تكون بين المسلمين بسبب اختلافهم في السياسة، وقد حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها قوله: “لا تقوم الساعة حتى يظهر في أمتي ثلاثون كذابًا، كل واحد منهم يزعم أنه نبي” ([صحيح مسلم]).

– الفتنة الاجتماعية: وهي الفتنة التي تكون بين المسلمين بسبب اختلافهم في العادات والتقاليد والأعراف، وقد حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها قوله: “لا تقوم الساعة حتى تعود أمتي كما كانوا يوم بعثت فيهم” ([صحيح البخاري])

4. أضرار الفتنة:

للفتنة أضرار كثيرة على الفرد وعلى المجتمع، منها:

– الإفساد في الأرض: الفتنة تفسد في الأرض، لأنها تزرع العداوة والبغضاء بين الناس، وتؤدي إلى سفك الدماء، وتدمير الأموال، وانتشار الفوضى.

– تشتيت الصفوف: الفتنة تشتت صفوف المسلمين، وتجعلهم متفرقين ومتنازعين، وضعفاء أمام أعدائهم، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ظهرت الفتن فعليكم بالجماعة والطاعة” ([صحيح مسلم]).

– هلاك الأمة: الفتنة قد تؤدي إلى هلاك الأمة بأكملها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ظهرت الفتن فعليكم بالقرآن، فإنه شفاء لما في الصدور، ونور لما بين الأنظار، وهدى ورحمة” ([صحيح مسلم]).

5. كيفية مواجهة الفتنة:

هناك طرق كثيرة لمواجهة الفتنة، منها:

– التمسك بالوحدة والجماعة: الوحدة والجماعة من أهم عوامل مواجهة الفتنة، لأنها تجعل المسلمين أقوياء ومتماسكين في وجه أعدائهم، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اليد الواحدة لا تصفق” ([صحيح البخاري]).

– الرجوع إلى الكتاب والسنة: الكتاب والسنة هما المرجعان الرئيسيان لمعرفة الحق من الباطل، ولذا يجب على المسلمين أن يلتزموا بهما وأن ينبذوا كل ما يخالفهما، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدهما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه” ([صحيح مسلم]).

– الصبر والثبات: الصبر والثبات من أهم عوامل مواجهة الفتنة، لأن الفتنة قد تطول وتشتد، ولذا يجب على المسلمين أن يتحملوا الضغوط والتحديات، وأن يصبروا على البلاء، وأن يثبتوا على الحق، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه” ([صحيح البخاري]).

6. دور العلماء في مواجهة الفتنة:

للعلماء دور كبير في مواجهة الفتنة، وذلك من خلال:

– بيان الحق من الباطل: العلماء هم الذين يعرفون الحق من الباطل، وعليهم أن يبينوا ذلك للناس، وأن يحذروهم من الفتن والبدع.

– الرد على الشبهات: العلماء هم الذين يردون على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام، وعليهم أن يبينوا للناس بطلان هذه الشبهات وفسادها.

– الدعوة إلى الوحدة والجماعة: العلماء هم الذين يدعون الناس إلى الوحدة والجماعة، وعليهم أن يحذروهم من التفرق والشتات.

7. دور الحكام في مواجهة الفتنة:

للحكام دور كبير في مواجهة الفتنة، وذلك من خلال:

– إقامة العدل بين الناس: العدل من أهم عوامل مواجهة الفتنة، لأن الظلم يولد الحقد والضغينة، ويؤدي إلى الفتن والاضطرابات.

– منع انتشار الفتن والبدع: على الحكام أن يمنعوا انتشار الفتن والبدع، وأن يتصدوا لها بكل حزم وقوة.

– الدعوة إلى الوحدة والجماعة: على الحكام أن يدعوا الناس إلى الوحدة والجماعة، وأن يحذروهم من التفرق والشتات.

الخاتمة:

أيها المسلمون، إن الفتنة من أعظم البلاءات التي ابتلي بها الناس، ولذا علينا أن نحذر منها وأن نتمسك بديننا الحنيف. علينا أن نكون يدا واحدة في وجه الفتنة، وأن نتصدى لها بكل حزم وقوة. علينا أن نتبع الكتاب والسنة، وأن نلتزم بتعاليم ديننا الحنيف، وأن نكون إخوة متحابين متعاونين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أضف تعليق