خطبة عن هجر القرآن الكريم

خطبة عن هجر القرآن الكريم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ففي ظل انشغال الناس بهذه الحياة ومتطلباتها، وبهرجتها وزخرفها، ولهثهم وراء الدنيا ومتاعها الزائل، يبرز القرآن الكريم كمنارة نور وهدى وسط هذا الظلام الدامس، إنه كتاب الله المعجز الخالد، الذي أنزله على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون دستوراً للبشرية جمعاء، ومنهجاً كاملاً للحياة.

ولكن للأسف، فإننا نجد الكثير من المسلمين اليوم وقد هجروا القرآن الكريم، وأعرضوا عنه، ولم يعد له أي مكان في حياتهم، وكأنهم لم يسمعوا به من قبل، أو لم يعلموا أنه كلام الله عز وجل، ولا ينبغي لمسلم أن يتخلى عنه.

الأسباب التي تؤدي إلى هجر القرآن الكريم:

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى هجر القرآن الكريم، ومنها:

1. ضعف الإيمان: إن أول وأهم سبب لهجر القرآن الكريم هو ضعف الإيمان، فمن لا يؤمن بالله ورسوله الكريم، ولا يؤمن بأن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، لا يرى أي قيمة أو أهمية في قراءته أو العمل به.

2. الجهل بالقرآن الكريم: إن الجهل بالقرآن الكريم وعلومه هو سبب آخر لهجره، فمن لا يعرف ما في القرآن الكريم من عجائب وغرائب، وما فيه من قصص وعبر، وما فيه من أحكام وفتاوى، لا يرغب في قراءته أو تدبره.

3. الانشغال بأمور الدنيا: إن انشغال الناس بأمور الدنيا ومتطلباتها، ولهثهم وراء المال والجاه والمتاع الزائل، يجعلهم يهملون القرآن الكريم، ولا يعطونه أي أهمية في حياتهم.

4. حب الشهوات: إن حب الشهوات والملذات الدنيوية يجعل الناس يعرضون عن القرآن الكريم، فلا يجدون الوقت أو الرغبة في قراءته أو تدبره.

5. الخوف من المسؤولية: إن الخوف من المسؤولية التي يفرضها القرآن الكريم على المسلم، يجعل بعض الناس يعرضون عنه، فهم لا يريدون أن يتحملوا مسؤولية العمل بأحكام القرآن الكريم، ولا يريدون أن يغيروا حياتهم وفقاً لتعاليمه.

6. تأثير الإعلام المضلل: إن تأثير الإعلام المضلل الذي يروج للمعاصي والرذائل، ويصوّر القرآن الكريم بأنه كتاب قديم لا يناسب العصر الحديث، يجعل بعض الناس يعرضون عنه، ويعتبرونه عبئاً على حياتهم.

7. سوء التربية: إن سوء التربية التي يتلقاها بعض الأطفال في بيوتهم أو مدارسهم، والتي لا تغرس فيهم حب القرآن الكريم، ولا تشجعهم على قراءته وتدبره، تؤدي إلى هجرهم للقرآن الكريم عندما يكبرون.

أضرار هجر القرآن الكريم:

هجر القرآن الكريم له أضرار ومخاطر عديدة على الفرد والمجتمع، ومنها:

1. ضياع الهوية الإسلامية: إن هجر القرآن الكريم يؤدي إلى ضياع الهوية الإسلامية، فالمسلم الذي لا يقرأ القرآن الكريم ولا يتدبره، ولا يعمل بأحكامه، يفقد مع مرور الوقت هويته الإسلامية، ويصبح أقرب إلى غير المسلمين منه إلى المسلمين.

2. انتشار الجهل بالدين: إن هجر القرآن الكريم يؤدي إلى انتشار الجهل بالدين، فالمسلم الذي لا يقرأ القرآن الكريم ولا يتدبره، لا يعرف شيئاً عن دينه، ولا يعرف أحكامه وفتاواه، ولا يعرف قصصه وعبره، ولا يعرف شيئاً عن حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

3. الابتعاد عن الله تعالى: إن هجر القرآن الكريم يؤدي إلى الابتعاد عن الله تعالى، فالمسلم الذي لا يقرأ القرآن الكريم ولا يتدبره، لا يعرف ربه حق معرفته، ولا يعرف صفاته وأسمائه الحسنى، ولا يعرف نعمه عليه، ولا يعرف رحمته وفضله.

4. ضعف الوازع الديني: إن هجر القرآن الكريم يؤدي إلى ضعف الوازع الديني، فالمسلم الذي لا يقرأ القرآن الكريم ولا يتدبره، يضعف لديه الوازع الديني، ولا يخشى الله تعالى، ولا يراقبه في أقواله وأفعاله.

5. انتشار المعاصي والرذائل: إن هجر القرآن الكريم يؤدي إلى انتشار المعاصي والرذائل، فالمسلم الذي لا يقرأ القرآن الكريم ولا يتدبره، لا يعرف ما حرم الله تعالى، ولا يعرف ما أمر به، فلا يتورع عن ارتكاب المعاصي والرذائل.

سبل العودة إلى القرآن الكريم:

1. تعميق الإيمان: إن أول خطوة للعودة إلى القرآن الكريم هي تعميق الإيمان، فالمسلم الذي يزداد إيمانه بالله ورسوله الكريم، ويزداد يقينه بأن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، يزداد حبه للقرآن الكريم، ويزداد رغبته في قراءته وتدبره.

2. طلب العلم بالقرآن الكريم: إن طلب العلم بالقرآن الكريم هو خطوة مهمة للعودة إليه، فالمسلم الذي يتعلم علوم القرآن الكريم، ويتعرف على معانيه وأحكامه، يزداد حبه للقرآن الكريم، ويزداد رغبته في قراءته وتدبره.

3. تلاوة القرآن الكريم بانتظام: إن تلاوة القرآن الكريم بانتظام هي أفضل طريقة للعودة إليه، فالمسلم الذي يقرأ القرآن الكريم بانتظام، ويداوم على تلاوته، يتأثر به، ويتغير قلبه، وتزول عنه الغفلة والجهل.

4. تدبر معاني القرآن الكريم: إن تدبر معاني القرآن الكريم هو الخطوة التالية لتلاوته، فالمسلم الذي يتدبر معاني القرآن الكريم، ويفكر في آياته، وينظر في أحكامه، يتأثر به أكثر، ويتغير قلبه أكثر، وتزول عنه الغفلة والجهل أكثر.

5. العمل بأحكام القرآن الكريم: إن العمل بأحكام القرآن الكريم هو التطبيق العملي لتدبر معانيه، فالمسلم الذي يعمل بأحكام القرآن الكريم، ويطبقها في حياته، يتأثر بالقرآن الكريم أكثر، ويتغير قلبه أكثر، وتزول عنه الغفلة والجهل أكثر.

6. دعوة الآخرين إلى القرآن الكريم: إن دعوة الآخرين إلى القرآن الكريم هي أفضل طريقة لنشره ونشره، فالمسلم الذي يدعو الآخرين إلى القرآن الكريم، ويحثهم على قراءته وتدبره، يكون سبباً في هدايتهم إلى الصراط المستقيم.

7. الصبر والمواظبة: إن العودة إلى القرآن الكريم تحتاج إلى الصبر والمواظبة، فلا تيأس إذا لم ترى النتائج بسرعة، استمر في قراءة القرآن الكريم وتدبره، وكن على يقين بأن القرآن الكريم سيؤثر فيك ويغير قلبك، وسيجعلك من عباده الصالحين.

الخاتمة:

وفي الختام، فإن هجر القرآن الكريم له أسباب وأضرار عديدة، ولكن هناك أيضاً سبل للعودة إليه والتمسك به، فتعالوا جميعاً نعود إلى القرآن الكريم، ونقرأه ونتدبره، ونعمل بأحكامه، وندعو الآخرين إلى قراءته وتدبره، حتى نكون من عباد الله الصالحين، وحتى ننال رضاه ورحمته في الدنيا والآخرة.

أضف تعليق