هل العادة سرية تبطل الصيام بعد الافطار

هل العادة سرية تبطل الصيام بعد الافطار

المقدمة:

إن شهر رمضان المبارك هو شهر العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، والصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة لها ثواب كبير عند الله تعالى. ومن الأمور التي قد تشغل بال الصائمين هو حكم العادة السرية بعد الإفطار، وهل تبطل الصيام أم لا؟ وفي هذا المقال سوف نناقش هذا الأمر بالتفصيل، مستعينين بالدلائل الشرعية من القرآن والسنة النبوية الشريفة وآراء العلماء.

حكم العادة السرية في الإسلام:

العادة السرية هي ممارسة جنسية يقوم بها الشخص بمفرده، وهي محرمة في الإسلام لما لها من آثار سلبية على الفرد والمجتمع. وقد وردت العديد من النصوص الشرعية التي تحرم العادة السرية، منها قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 5-6].

حكم العادة السرية بعد الإفطار:

أما بالنسبة لحكم العادة السرية بعد الإفطار، فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: تبطل الصيام

ويرى أصحاب هذا القول أن العادة السرية تبطل الصيام، سواء كانت قبل الإفطار أو بعده، وذلك لأنها تعتبر إفساداً للصوم، لأنها تؤدي إلى خروج المني، وهو أحد المفطرات.

القول الثاني: لا تبطل الصيام

ويرى أصحاب هذا القول أن العادة السرية لا تبطل الصيام إذا وقعت بعد الإفطار، وذلك لأن الصيام ينتهي عند غروب الشمس، وبالتالي فإن أي شيء يفعله الشخص بعد الإفطار لا يعتبر مفسداً للصوم.

أدلة القول الأول:

يستدل أصحاب القول الأول على بطلان الصيام بالعادة السرية بعد الإفطار بعدد من الأدلة، منها:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من جامع في نهار رمضان فقد أبطل صومه”.

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الصيام جُنَّة فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم”.

قول الإمام النووي رحمه الله: “ومن أفسد صومه بوطء أو غيره مما يفسده في النهار، فعليه القضاء والكفارة”.

أدلة القول الثاني:

يستدل أصحاب القول الثاني على عدم بطلان الصيام بالعادة السرية بعد الإفطار بعدد من الأدلة، منها:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أفطر الصائم”.

قول الإمام ابن قدامة رحمه الله: “لا شيء على من جامع بعد الإفطار، لأنه ليس بصائم فلا يلزمه كفارة”.

قول الإمام ابن تيمية رحمه الله: “لا يكفر الصائم إلا بوطء أو استمناء، أو خروج مني بشهوة بعد دخول الفجر على الصحيح”.

الراجح من القولين:

الراجح من القولين هو القول الثاني، وهو أن العادة السرية بعد الإفطار لا تبطل الصيام، وذلك لأن الصيام ينتهي عند غروب الشمس، وبالتالي فإن أي شيء يفعله الشخص بعد الإفطار لا يعتبر مفسداً للصوم. ومع ذلك، فإن العادة السرية محرمة في الإسلام، ويجب على المسلم أن يتجنبها سواء في رمضان أو في غيره من الشهور.

آثار العادة السرية على الصائم:

قد يؤدي ممارسة العادة السرية بعد الإفطار إلى عدد من الآثار السلبية على صحة الصائم، منها:

الشعور بالتعب والإرهاق.

الإصابة بالضعف العام.

نقص المناعة.

حدوث اضطرابات في النوم.

مشاكل في الجهاز الهضمي.

كيفية تجنب العادة السرية:

هناك عدد من الإرشادات التي تساعد الصائم على تجنب العادة السرية، منها:

الإكثار من الدعاء إلى الله عز وجل بالثبات والعفاف.

قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه.

ذكر الله عز وجل والإكثار من الصلاة والعبادة.

الابتعاد عن الأماكن والصور والوسائل التي قد تؤدي إلى إثارة الشهوة.

ممارسة الرياضة بانتظام.

تناول الأطعمة الصحية والمتوازنة.

الحصول على قسط كافٍ من النوم.

الخاتمة:

وفي الختام، فإن العادة السرية محرمة في الإسلام سواء في رمضان أو في غيره من الشهور، ويجب على المسلم أن يتجنبها. أما بالنسبة لحكم العادة السرية بعد الإفطار، فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين، والراجح من القولين هو أنها لا تبطل الصيام، ولكنها محرمة شرعًا ويجب على المسلم تجنبها.

أضف تعليق