ليلة القدر: فردية أم زوجية؟
مقدمة:
ليلة القدر هي ليلة مباركة يذكرها الله تعالى في سورة القدر، وهي من الليالي التي لها فضل كبير عند المسلمين، وقد اختلف العلماء في تحديد موعدها هل هي فردية أم زوجية.
أولاً: تحديد ليلة القدر
1. الليلة الفردية:
يرى بعض العلماء أن ليلة القدر هي ليلة فردية من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ”، ولفظ “ليلة” يدل على المفرد.
كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة محددة.
2. الليلة الزوجية:
يرى بعض العلماء الآخرين أن ليلة القدر هي ليلة زوجية من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: “وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ”، ولفظ “الطارق” يدل على الزوج.
كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اطلبوها في العشر الأواخر من رمضان، ولتكن ليلتكم التي تطلبونها تاسعة أو سابعة أو خامسة أو ثالثة”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة غير محددة.
ثانياً: أدلة الفريق القائل بأن ليلة القدر فردية
1. الدليل من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ”، ولفظ “ليلة” يدل على المفرد.
2. الدليل من السنة النبوية:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة محددة.
3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: “ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرون”.
وقال مجاهد: “ليلة القدر ليلة سبع وعشرون”.
ثالثاً: أدلة الفريق القائل بأن ليلة القدر زوجية
1. الدليل من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: “وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ”، ولفظ “الطارق” يدل على الزوج.
2. الدليل من السنة النبوية:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اطلبوها في العشر الأواخر من رمضان، ولتكن ليلتكم التي تطلبونها تاسعة أو سابعة أو خامسة أو ثالثة”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة غير محددة.
3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:
قال ابن عمر رضي الله عنهما: “ليلة القدر ليلة تسع وعشرين”.
وقال عائشة رضي الله عنها: “ليلة القدر ليلة خمس وعشرين”.
رابعاً: أدلة الفريق القائل بأن ليلة القدر تتنقل كل عام
1. الدليل من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: “وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَبِ بِهِ لَقَادِرُونَ”، ولفظ “بقدر” يدل على التقدير والاختلاف.
2. الدليل من السنة النبوية:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، فربما كانت في تاسعة أو سابعة أو خامسة أو ثالثة”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة غير محددة.
3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ليلة القدر تتنقل في العشر الأواخر من رمضان”.
وقال الحسن البصري: “ليلة القدر تنتقل كل عام في مكان آخر”.
خامساً: أدلة الفريق القائل بأن ليلة القدر ثابتة في مكان واحد
1. الدليل من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: “فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”، ولفظ “فيها” يدل على مكان محدد.
2. الدليل من السنة النبوية:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين من رمضان”، وهذا يدل على أن ليلة القدر ليلة محددة.
3. الدليل من أقوال الصحابة والتابعين:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين من رمضان”.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “ليلة القدر في ليلة ثلاث وعشرين من رمضان”.
سادساً: الحكمة من إخفاء موعد ليلة القدر:
1. اختبار العبادة:
إخفاء موعد ليلة القدر هو اختبار لمدى عبادة المسلم وطاعته لله تعالى، فمن كان مخلصاً في عبادته وتقواه كان أكثر حظاً في إدراك هذه الليلة المباركة.
2. زيادة الأجر والثواب:
إخفاء موعد ليلة القدر يزيد من أجر وثواب من يبحث عنها بصدق وإخلاص، فمن جد واجتهد في البحث عن هذه الليلة المباركة كان له أجر عظيم عند الله تعالى.
3. الاستعداد الروحي:
إخفاء موعد ليلة القدر يهيئ المسلم روحياً ومعنوياً لإحياء هذه الليلة المباركة، فمن كان مستعداً روحياً ومعنوياً كان أكثر استفادة من هذه الليلة المباركة.
سابعاً: فضائل ليلة القدر:
1. مغفرة الذنوب:
من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفرت له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر.
2. العتق من النار:
من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً عتق من النار.
3. استجابة الدعاء:
من دعا الله تعالى في ليلة القدر استجاب الله تعالى دعاءه.
الخاتمة:
اختلف العلماء في تحديد موعد ليلة القدر هل هي فردية أم زوجية، وقد ذكرنا في هذا المقال أدلة كل فريق من الفريقين، وذكرنا أيضاً الحكمة من إخفاء موعد ليلة القدر وفضائل هذه الليلة المباركة. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لإحياء هذه الليلة المباركة وأن يغفر لنا ذنوبنا وأن يعتقنا من النار وأن يستجيب دعاءنا.