هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان

هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان

المقدمة:

الصيام من العبادات العظيمة التي فرضها الله تعالى على عباده المسلمين، وهو عبادة شاملة للجسد والروح، حيث يصوم المسلم عن الطعام والشراب والجماع وغيرها من المفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس. وقد شرع الله سبحانه وتعالى صيام شهر رمضان المبارك ليكون شهرًا للتوبة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة. إلا أنه قد يضطر المسلم إلى ترك صيام شهر رمضان، إما لعذر شرعي أو لمرض أو سفر، وفي هذه الحالة يلزمه قضاء ما فاته من أيام الصيام بعد شهر رمضان. وقد يصادف أن يكون قضاء رمضان في العشر من ذي الحجة، فهل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

الرأي الأول: عدم جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان

يذهب أصحاب هذا الرأي إلى عدم جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان، ويستدلون على ذلك بعدة أدلة، منها:

1. أن صيام العشر من ذي الحجة من السنن المؤكدة، وهو عبادة مستقلة بذاتها، ولا يجوز أن تكون بدلًا عن قضاء رمضان، لأنه قضاء عن فريضة.

2. أن صيام العشر من ذي الحجة له فضل كبير وفضل خاص، وقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضله، وأن صيامه يكفر ذنوب السنة الماضية، وهذا الفضل لا يحصل لمن يصومه بقضاء رمضان.

3. أن صيام العشر من ذي الحجة يصادف أيام التشريق، وهي أيام الأكل والشرب والذكر والدعاء، فصيام هذه الأيام قد ينافي الغرض منها.

الرأي الثاني: جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان

يذهب أصحاب هذا الرأي إلى جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان، ويستدلون على ذلك بعدة أدلة، منها:

1. أن الأصل في الصيام الجواز، ولا دليل على تحريمه في العشر من ذي الحجة، بل وردت أحاديث تبين فضل صيام هذه الأيام مطلقًا، سواء كان بقضاء رمضان أو بنية التطوع.

2. أن قضاء رمضان عبادة واجبة، والصيام في غير شهر رمضان من السنن المؤكدة، والواجب أولى من النافلة، فإذا صادف قضاء رمضان العشر من ذي الحجة، فإنه يقدم على صيام التطوع.

3. أن صيام العشر من ذي الحجة يصادف أيام التشريق، وهي أيام الأكل والشرب والذكر والدعاء، ولكن هذا لا يعني أنه لا يجوز صيام هذه الأيام، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم هذه الأيام، وقد صامها معه بعض أصحابه.

الأدلة الشرعية على الرأيين

1. أدلة الرأي الأول:

– حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، فكأنما صام الدهر).

– حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر).

– حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

2. أدلة الرأي الثاني:

– حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يومًا في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا).

– حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يومًا ابتغاء وجه الله، حرم الله على النار وجهه).

– حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر).

الخاتمة:

بعد عرض الرأيين والأدلة الشرعية لكل رأي، نخلص إلى أن جمهور العلماء يذهب إلى عدم جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان، وأن قضاء رمضان له وقته الخاص، وهو بعد انقضاء شهر ذي الحجة. أما من ذهب إلى جواز صيام العشر من ذي الحجة بنية قضاء رمضان، فقد استدلوا على ذلك بأدلة ضعيفة لا يصح الاعتماد عليها في إثبات هذا الحكم. وعلى المسلم إذا أراد قضاء رمضان في العشر من ذي الحجة، أن يتحرى في ذلك، وأن يسأل أهل العلم الثقات عن حكم ذلك، حتى لا يقع في الإثم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *