هل يجوز صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء

هل يجوز صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء

المقدمة:

صيام العشر ذي الحجة من السنن المؤكدة التي حث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام – يعني عشر ذي الحجة – قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء”.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يجوز صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء؟

وفي هذا المقال، سوف نجيب على هذا السؤال من خلال استعراض أقوال أهل العلم في هذه المسألة، مع ذكر الأدلة التي استندوا إليها.

أقوال أهل العلم في مسألة صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء:

اختلف أهل العلم في حكم صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء، فذهب بعضهم إلى الجواز، بينما ذهب آخرون إلى المنع.

الفريق الأول: من أجاز صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء:

استدل الفريق الأول على جواز صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء بما يلي:

1. أن صيام العشر ذي الحجة من السنن المؤكدة، وليس من الواجبات، فجاز صيامه بنية القضاء كما تجوز صلاة النافلة بنية القضاء.

2. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخص صيام العشر ذي الحجة بالمنع من صيامه بنية القضاء، بل قال: “من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا”، ولم يفرق بين صيام الفرض وصيام النافلة.

3. أن صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء فيه اجتهاد في العبادة، وهذا مطلوب شرعًا، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن لله عبادا مجتهدين، إن اجتهدوا لهم ما ابتغوا، وإن تركوا لم يتركوا”.

الفريق الثاني: من منع صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء:

استدل الفريق الثاني على منع صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء بما يلي:

1. أن صوم العشر ذي الحجة عمل عبادي مستقل بنفسه، وهذا يتنافى مع القضاء الذي يلزم فيه تتبع الصوم المفروض.

2. أن صيام العشر ذي الحجة من السنن المؤكدة، وظاهر السنة عدم جواز صيامها بنية القضاء، حيث لا دليل على الجواز.

3. أن صيام العشر ذي الحجة قد يفضي إلى تضييع الصوم المفروض، لأن من صام العشر ذي الحجة بنية القضاء قد يظن أنه قد أدى ما عليه من صيام، فيترك صيام الفرائض.

الراجح من أقوال أهل العلم:

الراجح من أقوال أهل العلم هو القول بمنع صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء، وذلك لما يلي:

1. أن صوم العشر ذي الحجة عمل عبادي مستقل بنفسه، وهذا يتنافى مع القضاء الذي يلزم فيه تتبع الصوم المفروض.

2. أن صيام العشر ذي الحجة من السنن المؤكدة، وظاهر السنة عدم جواز صيامها بنية القضاء، حيث لا دليل على الجواز.

3. أن صيام العشر ذي الحجة قد يفضي إلى تضييع الصوم المفروض، لأن من صام العشر ذي الحجة بنية القضاء قد يظن أنه قد أدى ما عليه من صيام، فيترك صيام الفرائض.

الخاتمة:

اتضح لنا مما سبق أن صيام العشر ذي الحجة بنية القضاء محل خلاف بين أهل العلم، والراجح من أقوالهم هو القول بمنعه، وذلك لما ذكرناه من الأدلة.

وإن كان المسلم يرغب في قضاء الصيام المفروض، فعليه أن يقضيه في غير أيام العشر ذي الحجة، حتى لا يقع في الخلاف.

ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيام العشر ذي الحجة على الوجه الذي يرضيه عنا، وأن يعيننا على قضاء ما فاتنا من صوم الفرائض.

أضف تعليق