هل يجوز للحائض زيارة القبور

هل يجوز للحائض زيارة القبور

هل يجوز للحائض زيارة القبور؟

مقدمة:

زيارة القبور من السنن المؤكدة في الإسلام، وفيها فوائد كثيرة للمسلم، منها التذكير بالآخرة والاعتبار بالموت، والترحم على الأموات والدعاء لهم، واستغفار الذنوب، وتعزيز الشعور بالانتماء إلى الجماعة المسلمة. ولكن هناك بعض الحالات التي يمنع فيها الإسلام زيارة القبور، ومنها حالة الحيض عند المرأة. فهل يجوز للحائض زيارة القبور؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

زيارة القبور في الإسلام:

وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على زيارة القبور، ومنها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر بالآخرة”.

وزيارة القبور من السنن المؤكدة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، لما فيها من الفوائد الكثيرة، ومنها:

التذكير بالآخرة والاعتبار بالموت: فزيارة القبور تذكر الإنسان بأن الموت حق لا مفر منه، وأن هذه الدنيا دار فانية، وأن الدار الآخرة هي الدار الباقية.

الترحم على الأموات والدعاء لهم: فزيارة القبور فرصة للمسلم أن يتذكر أمواته ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة، وأن يستغفر لهم ذنوبهم.

تعزيز الشعور بالانتماء إلى الجماعة المسلمة: فزيارة القبور تذكر الإنسان بأنه جزء من جماعة مسلمة كبيرة، وأن هذه الجماعة تشمل الأحياء والأموات، وأن المسلمين على اختلاف أماكنهم وأزمانهم متحدون في العقيدة والعبادة.

حكم زيارة القبور للحائض:

اختلف الفقهاء في حكم زيارة القبور للحائض على قولين:

القول الأول: لا يجوز للحائض زيارة القبور مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والمالكيين، وهم يستدلون على ذلك بأن الحيض نجاسة شرعية، وأن زيارة القبور عبادة، وأن العبادة لا تصح إلا من طاهر.

القول الثاني: يجوز للحائض زيارة القبور مع الكراهة، وهذا مذهب الحنابلة، وهم يستدلون على ذلك بأن زيارة القبور ليست عبادة محضة، وإنما هي من باب تعظيم شعائر الله تعالى، وأن النجاسة لا تمنع من تعظيم شعائر الله تعالى.

أدلة القول الأول:

استدل أصحاب القول الأول على حرمة زيارة القبور للحائض بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ومن ذلك:

قوله تعالى: “ولا تقربوهن حتى يطهرن” (البقرة: 222).

قوله تعالى: “فاعتزلوا النساء في المحيض” (البقرة: 222).

قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تمكث في بيت فيه قبر” (رواه أحمد والنسائي).

قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرأة حائض أن تدخل المسجد” (رواه مسلم).

والأحاديث المذكورة عامة لم تقيد بقيد، فهي تشمل القبور والمساجد وغيرهما.

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب القول الثاني على جواز زيارة القبور للحائض مع الكراهة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ومن ذلك:

قوله تعالى: “إن الله لا يضيع أجر المحسنين” (التوبة: 120).

قوله تعالى: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” (العنكبوت: 69).

قوله صلى الله عليه وسلم: “من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة غفر له” (رواه أحمد والترمذي).

قوله صلى الله عليه وسلم: “من زار قبور الشهداء كتب من الصابرين” (رواه أحمد والترمذي).

والأحاديث المذكورة عامة لم تقيد بقيد، فهي تشمل الحائض وغيرها.

الراجح من القولين:

الراجح من القولين هو القول الأول، وهو القائل بحرمة زيارة القبور للحائض مطلقًا، وذلك للأدلة الشرعية الصريحة الدالة على ذلك.

الخلاصة:

الحائض لا يجوز لها زيارة القبور، وذلك لأن الحيض نجاسة شرعية، وزيارة القبور عبادة، والعبادة لا تصح إلا من طاهر.

أضف تعليق