هل يجوز للمرأة أن تزوج نفسها

هل يجوز للمرأة أن تزوج نفسها

هل يجوز للمرأة أن تزوج نفسها؟

مقدمة

يعتبر الزواج من أهم وأقدس المؤسسات في المجتمعات الإنسانية، وهو رباط مقدس يجمع بين رجل وامرأة على أساس المودة والرحمة، وقد تناولت الشريعة الإسلامية الزواج ووضعته في إطاره الصحيح، وحددت أركانه وشروطه وموانعه، وقد اختلف الفقهاء في جواز زواج المرأة لنفسها دون ولي، وفي هذا المقال سوف نستعرض آراء الفقهاء في هذه المسألة، ونناقش الأدلة الواردة في هذا الشأن.

أولاً: تعريف الزواج

الزواج هو عقد بين رجل وامرأة على الدوام أو على انقضاء مدة معلومة، ويشترط في هذا العقد أركان عدة، وهي:

1: الإيجاب والقبول: يتمثل الإيجاب بقول الرجل: “زوجتك ابنتي فلانة بمهر قدره كذا”، والقبول بقول المرأة: “قبلت الزواج منك على هذا المهر”.

2: الولي: يشترط لصحة الزواج وجود ولي للمرأة، وهو الأب أو الجد أو الأخ الشقيق أو ابن الأخ الشقيق أو العم أو ابن العم الشقيق، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها دون ولي.

3: المهر: هو المال الذي يدفعه الرجل إلى المرأة في مقابل زواجه منها، ولا يجوز للمرأة أن تتنازل عن مهرها.

4: الشهود: يشترط لصحة الزواج حضور شاهدين عدلين على عقد الزواج.

ثانياً: اشتراط الولي في الزواج

يشترط لصحة الزواج وجود ولي للمرأة، وهو الأب أو الجد أو الأخ الشقيق أو ابن الأخ الشقيق أو العم أو ابن العم الشقيق، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها دون ولي، وذلك للأسباب التالية:

1: حماية المرأة من الزواج من رجل لا يصلح لها: قد تتزوج المرأة من رجل لا يصلح لها، إما لأنه فاسق أو عاجز أو فقير أو نحوه، وفي هذه الحالة يكون الولي هو المسؤول عن حمايتها من هذا الزواج.

2: حفظ نسب الأولاد: قد تتزوج المرأة من رجل مجهول النسب، وفي هذه الحالة يكون الأولاد مجهولي النسب، وذلك لأن نسب الأولاد يثبت بزواج الرجل من المرأة، ولا يثبت بزواج المرأة من الرجل.

3: منع المرأة من الزواج من أكثر من أربعة أزواج: قد تتزوج المرأة من أكثر من أربعة أزواج، وفي هذه الحالة يكون زواجها باطلاً، وذلك لأن المرأة لا يجوز لها أن تتزوج من أكثر من أربعة أزواج في آن واحد.

ثالثاً: أقوال الفقهاء في جواز زواج المرأة لنفسها دون ولي

اختلف الفقهاء في جواز زواج المرأة لنفسها دون ولي، فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز ذلك، وذهب فريق آخر إلى جوازه.

أقوال الفقهاء القائلين بعدم جواز زواج المرأة لنفسها دون ولي

يرى جمهور الفقهاء أن للمرأة أن تزوج نفسها، وذلك للأسباب التالية:

1: أن عقد الزواج هو عقد معاوضة، والمرأة هي أحد المتعاقدين، ولها حق التصرف في مالها، ولها حق اختيار الزوج الذي تراه مناسباً لها.

2: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقر زواج خولة بنت ثعلبة من أوس بن الصامت دون ولي، وهذا يدل على جواز زواج المرأة لنفسها دون ولي.

3: أن المرأة عاقلة رشيدة، ولها حق التصرف في شؤونها الخاصة، ومن حقها أن تختار الزوج الذي تراه مناسباً لها.

أقوال الفقهاء القائلين بجواز زواج المرأة لنفسها دون ولي

يرى فريق من الفقهاء أن المرأة لا يجوز لها أن تزوج نفسها، وذلك للأسباب التالية:

1: أن الزواج هو عقد شرعي، ولا يجوز إلا بإذن الولي، وذلك لأن الولي هو المسؤول عن حماية المرأة من الزواج من رجل لا يصلح لها.

2: أن عقد الزواج عقد معاوضة، والمرأة هي أحد المتعاقدين، ولها حق التصرف في مالها، ولكنها لا تملك حق التصرف في نفسها، وذلك لأنها ملك لأبيها أو لوليها.

3: أن المرأة عاقلة رشيدة، ولها حق التصرف في شؤونها الخاصة، ولكنها لا تملك حق التصرف في نفسها، وذلك لأنها ملك لأبيها أو لوليها.

رابعاً: الأدلة الواردة بشأن زواج المرأة لنفسها دون ولي

هناك عدد من الأدلة الواردة بشأن زواج المرأة لنفسها دون ولي، ومنها:

1: حديث خولة بنت ثعلبة: روى البخاري ومسلم عن خولة بنت ثعلبة قالت: “خطبني أوس بن الصامت، فقلت: حتى أستأمر أبي، فغضب وقال: أمرك إلى نفسك، إن شئت تزوجت وإن شئت لم تتزوجي”.

2: حديث عائشة: روى البخاري عن عائشة قالت: “جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني امرأة ابتليت بالزنا، فهل علي سبيل إلى التوبة؟ فقال لها: نعم، انكحي”.

3: حديث ابن عباس: روى الترمذي عن ابن عباس قال: “لا تنكح المرأة إلا برضاها”.

خامساً: شروط زواج المرأة لنفسها دون ولي

إذا أرادت المرأة أن تتزوج نفسها دون ولي، فيجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:

1: أن تكون المرأة عاقلة رشيدة.

2: أن تكون المرأة بكراً أو ثيباً غير محصنة.

3: أن يكون الزواج كفؤاً للمرأة.

سادساً: إجراءات زواج المرأة لنفسها دون ولي

إذا أرادت المرأة أن تتزوج نفسها دون ولي، فعليها اتباع الإجراءات التالية:

1: أن تخطب المرأة نفسها للرجل الذي تريده زوجاً لها.

2: أن يقبل الرجل خطبة المرأة.

3: أن يكتب عقد زواج بين المرأة والرجل.

4: أن يشهد على عقد الزواج شاهدان عدلين.

سابعاً: آثار زواج المرأة لنفسها دون ولي

إذا تزوجت المرأة نفسها دون ولي، فإن هذا الزواج يترتب عليه الآثار التالية:

1: يترتب على هذا الزواج جميع آثار الزواج الصحيح، مثل المهر والنفقة والعدة والطلاق.

2: لا يحق للمرأة أن تفسخ هذا الزواج إلا إذا كان هناك سبب مشروع لذلك.

3: لا يحق للولي أن يعترض على هذا الزواج إلا إذا كان هناك سبب مشروع لذلك.

الخاتمة

ومما سبق يتضح أن جمهور الفقهاء على أن للمرأة أن تزوج نفسها، مستدلين على ذلك بحديث خولة بنت ثعلبة، وحديث عائشة، وحديث ابن عباس، وأن هذا الزواج يترتب عليه جميع آثار الزواج الصحيح.

أضف تعليق